المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

11

والجواب: أنّنا نستظهر من أدلّة الأحكام الشرعية في غير ما يخرج بدليل أنّها أحكام ثابتة على الطبيعة، وليس مجرّد كونها أحكاماً على نحو القضايا الحقيقية.

والسرّ في ذلك غلبة كون خصوصيات الأفراد والأصناف في القضايا الحقيقية غير دخيلة في ملاك الحكم، فيصبح المناسب لا محالة كون الحكم مجعولاً على الطبيعة، ففتوى هذا الفقيه كانت حجة على طبيعة الإنسان، لا على الأفراد بخصوصياتهم كي يقال: إنّ هذا الفرد لم يكن مولوداً وقتئذٍ.

ما هو مقتضى الأصل الأوّلي ؟

ثم لو لم يتم شيء ممّا ذكرناه من إمكانية التمسك بالمطلقات وبالارتكاز وبالاستصحاب لإثبات جواز تقليد الميت وبقينا شاكين في ذلك، فالذي يبدو أنّ السيد الخوئي رحمه الله يرى أنّ الأصل عدم حجية فتوى الميت باعتبار أنّ المتيقّن حجيته إنّما هي فتوى الحي، وأمّا فتوى الميت فهي مشكوكة الحجية، ومقتضى الأصل لدى الشك في الحجية هو عدم الحجية.

والتحقيق: أنّه لو تنجّزت الأحكام على المكلّف بالعلم الإجمالي فلا بدّ من تحصيل الفراغ اليقيني، وهذا لا يكون إلا بتقليد الحي.

أمّا لو كان المقدار المتفق عليه بين الحي والميت كافياً في انحلال العلم الإجمالي فهنا قد يقال بالرجوع إلى أصالة البراءة عن الإلزام في مورد يفتي الحي بالإلزام والميت بالترخيص؛ لأنّ أصالة البراءة وإن كانت مشروطة في الشبهات الحكمية بالفحص، ولكن فحص المقلِّد عبارة عن الرجوع إلى فتاوى الفقهاء.