المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

10

وقتئذٍ، لم يكن ممكناً أو سهلاً ومتعارفاً، إذن فالبناء العقلائي غير ثابت الإمضاء، بل هذا يوجب انصراف الأدلّة اللفظية أيضاً عن تقليد الميت ابتداء(1).

أقول: إنّ انصراف الأدلّة اللفظية إن فرض أنّه بسبب عدم وجود تقليد من هذا القبيل وقتئذٍ لانصراف الدواعي عمّا ليس بسهل إلى ما هو سهل وهو تقليد الحي أو لعدم إمكان تقليد الميت فمن الواضح أنّ عدم الوجود بالنسبة لمصداق لا يوجب انصراف الإطلاق عنه.

وإن كان بسبب أنّ السيرة توجب انصراف اللفظ الوارد في مقام الإمضاء إليها، والسيرة لم تتحقق في تقليد الميت الابتدائي فمن الواضح أنّ هذا الانصراف يكون انصرافاً إلى ما عليه الارتكاز بسعته، وإذا كانت السيرة العملية أضيق من دائرة الارتكاز بسبب انتفاء الموضوع خارجاً لم يوجب ذلك ضيقاً في إطلاق اللفظ الممضي لما عند العقلاء؛ فإنّ ما عند العقلاء إنّما هو ارتكازهم، لا خصوص سيرتهم التي ضاقت صدفة بضيق الموضوع الخارجي، لا بسبب ضيق بنائهم.

وأمّا أنّ السكوت لا يدلّ على إمضاء ارتكاز العقلاء إلا بقدر ما يترجم في عملهم خارجاً في زمن المعصوم أو بقدر ما يسري إلى الشريعة من قبلهم فهذا إن تم فلا يتم في ما يترقّب سريانه إلى الشريعة في وقت قريب، والتقليد كان من هذا القبيل، خصوصاً بلحاظ أزمنة الأئمة المتأخّرين.

صحة التمسّك بالاستصحاب:

وأمّا الاستصحاب فقد نقلنا عن السيد الخوئي رحمه الله إشكالين على ذلك:

أحدهما: كونه استصحاباً في الشبهات الحكمية. وهذا ما وضّحنا وأجبنا عليه في علم الاُصول، فنحوّل الحديث عنه إلى بحث الاستصحاب.

وثانيهما: أنّ الاستصحاب لا يتم في شأن من لم تصبح حجية فتوى هذا الفقيه في حال حياته فعلية بالنسبة له، كالذي لم يكن مولوداً في ذلك التاريخ إلا بنحو الاستصحاب التعليقي، وهو غير حجة.


(1) راجع: رسائل السيد الامام &: 157 ـ 159 وتهذيب الأصول للشيخ السبحاني تقريراً لبحث السيد الإمام. 3: 202 ـ 204.