المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

94

ماله وولده وعمله)، فيلتفت إلى ماله، فيقول: واللّه إنّي كنت عليك حريصاً شحيحاً، فما لي عندك؟ (يعني: أيّها المال، إنّي قد أفنيت كلّ عمري لتحصيلك، فماذا أستفيد منك الآن، وأنا في أوّل آنات إقدامي على عالم الآخرة والانفصال عنك) فيقول: خذ منّي كفنك (وهذا تجسيد للأفكار التي تعتري هذا الإنسان). قال فيلتفت إلى ولده، فيقول: واللّه إنّي كنت لكم محبّاً، وإنّي كنت عليكم محامياً (يعني: أدفع عنكم ما يقهركم)، فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤدّيك إلى حفرتك نواريك فيها (فهم إذاً ليسوا مع هذا الأب المسكين إلّا إلى حفرة قبره). فيلتفت إلى عمله، فيقول: واللّه إنّي كنت فيك لزاهداً (يعني: أنّه لم يكن يعتني به) وإنْ كنت عليّ لثقيلاً، فماذا عندك؟ فيقول (العمل): أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتّى أُعرض أنا وأنت على ربّك»(1).

فهذا هو السبب الثاني للسكرة.

وكِلا المعنَيين مجتمعان في كلام إمامنا أميرالمؤمنين(عليه السلام) في قوله في نهج البلاغه: «اجتمعت عليهم سَكْرة الموت وحسرة الفوت»(2).


(1) راجع الكافي، ج3، ص231، باب أنّ الميت يمثّل له ماله وولده وعمله قبل موته، من کتاب تاريخ الإمام الثاني عشر صلوات الله عليه، ح1.

(2) نهج البلاغة، ص160، الخطبة 109.