الآخرة؛ فإنّه أشدّ من عذاب الدنيا (يعني: أنّ حالة النزع أشدّ من كلّ المحن والمصائب التي تتصوّر في عالمنا هذا، ولا شيء أشدّ منه إلّا عذاب الآخرة؛ إذ إنّه أشدّ من عذاب الدنيا). قيل: فما بالنا نرى كافراً يسهل عليه النزع، فينطفئ وهو يحدّث ويضحك ويتكلّم، وفي المؤمنين أيضاً من يكون كذلك، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد؟ فقال: ما كان من راحة للمؤمنين هناك، فهو عاجل ثوابه (يعني: أنّ المؤمن الذي تراه في حالة النزع لا تكون صعوبة عليه، وتراه يموت براحة وسهولة، فهو عبارة من عاجل ثوابه، وأمّا الباقي من ثوابه الذي هو أفضل وأكمل، فسيَحْصُل عليه بعد الموت وعند اللّه تبارك وتعالى)، وما كان من شديدة، فتمحيصه من ذنوبه (يعني: حينما ترى المؤمن يقاسي شدّة النزع، فإنّه تمحيص له من الذنب، وهذا أيضاً عبارة عن رحمة من قِبَل اللّه تعالى على هذا المؤمن؛ كي يخرج من هذه الدنيا طاهراً ولا ذنب عليه)؛ ليرد الآخرة نقيّاً نظيفاً مستحقّاً لثواب الأبد، لا مانع له دونه. وما كان من سهولة هناك على الكافر (يعني: أمّا ما تراه من أنّ الكفّار تكون حالة نزع الروح سهلة عليهم أحياناً، ولا يحسّون بتعب أو ألم) فليوفّى أجر حسناته في الدنيا (يعني: أنّ هذا الكافر _ وعلى الرغم من أنّه كافر _ لابدّ من أنّه قد أتى