المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

90

إنّ هذه الحالة (السَكْرة) التي تُشير إليها الآية المباركة قد تكون نتيجة أحد سببين أو كليهما، واللّه أعلم بحقيقة الحال، وهذان السببان هما:

الأوّل: شدّة النزع وألمه؛ إذ إنّ النزع يسبّب للإنسان آلاماً شديدة يَصْعُب تحمّلها، وربّما لا تطاق في كثير من الأحيان، فيؤدّي بالإنسان إلى حالة السَكْرة، فيفقد صحوته، ويذهل ذهولاً لم يشهده في حياته.

والمستفاد من الروايات أنّ حالة النزع وآلامها ليست عامّة تَشْمُل الناس جميعاً، بل إنّ هناك من يكون بمنجىً من هذه الحالة.

فعن الإمام الصادق(عليه السلام)، قيل له: «صف لنا الموت، فقال(عليه السلام): للمؤمن كأطيب ريح يشمّه، فينعس(1) لطيبه، وينقطع التعب والألم كلُّه عنه، (يعني: حالة الموت بدلاً من أن تكون عذاباً أو شدّة أو ألماً للمؤمن، قد تؤدّي إلى إزالة كلّ ألم عن هذا المحتضر، وإنهاء كلّ تعب يحسّ به) وللكافر كلسع الأفاعي، ولدغ العقارب أو أشدّ. قيل: فإنّ قوماً يقولون: إنّه (أي الموت) أشدّ من نشرٍ بالمناشير، وقرضٍ بالمقاريض، ورضخ بالأحجار، وتدوير قطب الأرحية على الأحداق (يعني أحداق العين). قال: كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين، ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد، فذلكم الذي هو أشدّ من هذا، لا من عذاب


(1) في بعض النسخ: فينفس.