الحكم إضافة إلى الشهادة.
فالاختلاف _ بناءً على هذا التفسير _ واحد سواءٌ في معاشهم أو في الدين؛ لأنّ البيّنات موجودة قبل نوح(عليه السلام)، فبعث اللّه النبيّين لكي يبلّغوا الرسالات، ويحكموا بينهم.
وبناءً على هذا الفهم للآية، فإنّ قوله تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ يعني: أنّ الناس كانوا غير مختلفين، وهذا لا يعني: أنّهم يعيشون بلا دين، وأنّه لا دين لهم، بل كان لهم دين، إلّا أنّ الأنبياء كانوا شهداء على الناس، والناس يحكمون أنفسهم بأنفسهم إن صحّ التعبير.
ولا نقصد بذلك (مبدأ الديمقراطية)؛ فإنّ هناك فرقاً شاسعاً بينه وبين ما قصدناه؛ إذ إنّ الديمقراطية تعني: أنّ الناس يحكمون أنفسهم بأنفسهم بمبادئ موضوعة من قِبَل أنفسهم، في حين أنّ المقصود هنا: حكم الناس أنفسهم بأنفسهم بمبادئ موضوعة للأُمّة من قبل اللّه تعالى، وما هي إلّا خليفة له على وجه الأرض.
فالخلافة قبل نوح إذاً كانت للبشرية، وأمّا الأنبياء فكانوا شهداء، ولكن اشتداد الخلافات أدّى إلى إنهاء (دور الوحدة) وبداية دور التشتّت، فأُعطي زمام الحكم بيد النبي المعصوم؛ لأنّه فوق مستوى هذه الخلافات، ومنذ ذلك الحين جمع الأنبياء بين الشهادة على الأُمّة