بِالْحَقَّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيَّنَاتُ بَغْيَاً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقَّ بِإِذْنِهِ وَاللّٰهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾(1).
إنّ هذه الآية المباركة تشير إلى وجود دورين للبشرية: أوّلهما دور الوحدة، وثانيهما دور التشتّت.
ودور الوحدة الذي تشير إليه الآية المباركة ليس هو ما يدّعيه الماركسيّون والشيوعيّون من أنّ البشرية كانت تعيش حالة الشيوعية، بمعنى أنّهم يتقاسمون الأرزاق بمستوىً واحد، وأنّهم كانوا متساوين في كلّ شيء ومشتركين في كلّ شيء؛ إذ ثبت أنّ ذلك هو خلاف طبيعة البشر، ومن غير المحتمل أنّ البشرية كانت تعيش هذه الحالة، بل إنّ من طبيعة الإنسان أن يمتلك نتيجة أعماله، فليس من المعقول _ في الطبيعة البشرية _ أن نفترض الوحدة بهذا المعنى الذي يقول به الشيوعيّون، وإنّما المقصود هو أنّ الناس لم يكونوا مختلفين فيما بينهم، أي إنّهم كانوا إخوة، فالآية إذاً لا تنظر إلى الوحدة بالمعنى الاقتصادي أبداً.
هذا بناءً على أحد الاحتمالات الرئيسة الثلاثة التي فُسَّرَت بها
(1) البقرة: 213.