الشرّ كما يتّجه إلى الخير؛ ولذلك فإنّهم قدّموا أنفسهم بديلاً منه؛ لأنّ نسبتهم إلى الخير والشرّ ليست حيادية.
ويبدو أنّ الملائكة قد غفلت عن نكتتين:
الأُولى: أنّ البشرية _ وإن كانت نسبتها إلى الخير والشرّ واحدة _ لا تُسَيَّر كما تُسيَّر الجمادات والملائكة، وإنّما تهدى بطريق التعليم والتربية ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾.
والأُخرى: أنّ هناك عبادةً تصدر عن البشرية تعتبر خيراً من كلّ عبادات الملائكة، وهي عبارة عمّا نسمّيه بـ (التضحية) بشهواتها وغرائزها من أجل الخير وفي سبيل اللّه وإرضائه. وهذه لا يمكن أن تصدر عن الملائكة؛ ولذا فإنّ اللّه تبارك وتعالى قد رفض اعتراضهم؛ لأنّ الشيء الذي يريده هو (التضحية)، وهذا ما لا يمكن أن يصدر عنهم؛ إذ لا يمتلكون شهوات وميولاً نفسية يضحّون بها.
دور الوحدة ودور التشتّت
يقول أُستاذنا(قدس سره): إنّ البشرية قد مرّت بدور كانت فيه متوحّدة، ولا خلاف بين الناس، ويستظهر ذلك من الآية المباركة: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّٰهُ النَّبِيَّينَ مُبَشَّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ