المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

35

بالسجود لآدم قال: «يا ربّ، اعفني من السجود لآدم، وأنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل، فقال اللّه تبارك وتعالى: لا حاجة لي إلى عبادتك، أنا أُريد أن أُعبد من حيث أُريد لا من حيث تريد»(1).

فقد استصعب إبليس عملية السجود لآدم؛ لأنّه كان يرى نفسه قد خُلِقَ من النار، وأنّ آدم قد خُلِقَ من الطين؛ ولكي لا يذلّ نفسه استعدّ لتلك المشقّة، فقال: يا ربّ، أنا أعطيك عهداً أن أعبدك عبادة ما عبدك أحد مثلها قطّ، على أن ترخّص لي في عدم السجود لآدم؛ وذلك لأنّه كان لا يريد في الضمن أن يتورّط في معصية اللّه، ولكنّ اللّه تعالى قد قال له: إنّي أُحبّ أن أُطاع من حيث أُريد، أي: إنّه تعالى قد أراد منه أن يسجد لآدم.

صحيح أنّ اللّه تبارك وتعالى غنيٌّ عن العالمين وعباداتهم، وليس هناك من نفع أبداً يعود إليه تعالى نتيجةً لعبادة المخلوقات والموجودات، وصحيح أنّه ليس هناك من ضرر يعود عليه تبارك وتعالى نتيجةً لما ترتكبه المخلوقات من معاصٍ وآثام، ولكنّه تعالى يحبّ أن يُطاع من حيث يريد هو، وليس من حيث يريد الآخرون.

 


(1) البرهان في تفسير القرآن، ج1، ص173.