المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

32

أشرف منّا وأطهر _ ما عدا الرسول(صلى الله عليه وآله) وآله الطاهرين(عليهم السلام) _ قد أخفق، فإنّ هذا يعني: إخفاق الإنسانية كلّها، ويعني: أنّ العلم والمعرفة وباب تحميل المسؤولية غير كافيين لكمال الإنسان ورقيّه، بل لابدّ من إضافة الجانب الثالث، وهو مواجهتهم للمشاكل؛ فإنّنا نلاحظ أنّ ذلك الوعد الإلهي ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى...﴾ قد انتهى بمجرّد أن عصى آدم ربّه، فقد بدت لهما سوآتهما، وكان لابدّ لآدم أن يفكّر بعد المعصية بالثياب ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾؛ ذلك باعتبار أنّ الدور الذي تعهّد اللّه تعالى لهما به وتكفّل بهما قد انتهى عندما خالف آدم؛ لأنّه قد برهن بتلك المخالفة على أنّ البشرية غير ناجحة في الاكتفاء بطريق العلم والمسؤولية لترقى إلى مراتب الكمال، بل لابدّ من الطرق الثلاثة مجتمعة، وهي: العلم، والمسؤولية، وتحمّل الصعاب ومقارعتها.

وهذا واضح وبشكل أعمق بالنسبة إلى حياة غير آدم من البشر؛ إذ إنّه ممّا لا إشكال فيه هو أنّ البشرية لو كُفلت من زاوية المصاعب، لانحرفت حتماً. وإذا كان آدم(عليه السلام) قد اكتفى بالمعصية وترك الأولى، فإنّ أبناءه لن يكتفوا بمعصية واحدة ولطغوا، وهذا هو صريح القرآن: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾، وقد قهر اللّه عباده بالموت والفناء والأمراض وسائر الآفات؛ كي يجعلهم يسيرون على طريق الحقّ، ولولا هذا القهر وهذه المصاعب، لطغت البشرية، وادّعت

 


(1) البقرة: 31.

(2) ربما يرى بعض منّا أنّ هذه المسؤولية شيء بسيط، ولكنّها في الحقيقة ليست كذلك إذا لاحظنا أنّ آدم كان إنساناً بدور الحضانة، ولا يمتلك شيئاً من التجارب، وأنّ اللّه تبارك وتعالى مع علمه بذلك أراد أن يجرّبه بهذا الجانب.

(3) طه: 115.