المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

27

لهم: ﴿اهْبِطُوا مِصْراً﴾، فكلمة ﴿اهْبِطُوا﴾ أو ﴿اهْبِطَا﴾ لا تدلّ إذاً على أنّ آدم كان في جنّة الآخرة، وليس في جنّة الأرض.

ويشهد لكون قصّة آدم قصّة للبشرية بوصفهم بشرية لا قصّة له بوصفه فرد قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾(1)؛ إذ يفترض أنّ القصّة لم تكن قصّة آدم كشخص؛ ولذا خاطب البشرية كلّها بقوله: ﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾ و﴿صَوَّرْنَاكُمْ﴾ في صورة آدم، فكان آدم إذاً هو المثال والفرد الذي يرمز إلى هذه البشرية.

فيبدو من هذه الآية المباركة أنّ القضية كانت قضية الإنسانية كلّها، ولم تكن قضية شخص آدم، وأنّ دور آدم لم يكن دوراً فرديّاً، وإنّما كان دوراً بشريّاً وإنسانيّاً.

ويشهد على ذلك ما أبدته الملائكة من التخوّف من الفساد وسفك الدماء؛ فإنّهما لم يكونا من قِبل آدم كفرد، وإنّما كانا من قِبل البشرية ككلّ، فلا ينظر إلى قصّة آدم إذاً كقصّة فرد، وإنّما ينظر إليها كقصّة إنسانية؛ ولذا فإنّ سجود الملائكة لم يكن سجوداً لآدم، فهو وإن كان


(1) الأعراف: 11.