المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

145

الثالثة: ما هو راجع إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّٰهَ رَمَى﴾.

فالظهور الأوّلي لهذه الآية _ لولا الارتكاز العرفي والعقلائي _ هو سلب إرادة الإنسان نهائيّاً، وهو في قوّة القول: إنّ السكّين ليس هو الذي قتل، وإنّما صاحب السكّين هو القاتل؛ وذلك لأنّ الإنسان إذا لم يكن يمتلك اختياراً فإنّ حاله ستكون حال السكّين أو السيف.

ولكن هذا المعنى غير مقصود من الآية حتّى لدى القائلين بالجبر؛ إذ إنّ غاية ما يقولونه: هو أنّ الإنسان مجبور على أن يكون مريداً، وعليه فالقرينة الداخلية أو الارتكاز العقلائي _ كما يقول الأُصوليّون_ الذي يؤثّر في ظواهر الألفاظ، يدلّ على أنّ المقصود ليس هو الظهور الابتدائي لهذه الآية، أي إنّ الآية لا تقصد أنّ الرمي ليس فعلاً إراديّاً للإنسان كحركة يد المرتعش؛ وذلك لوضوح وبداهة أنّ الرمي رميه هو، حتّى على مبنى القائلين بالجبر؛ ولهذا فإنّه لابدّ من أن نرفع يدنا عن ذلك الظهور الأوّلي، ولم يبق إلّا أن نقول: إنّ قدرة الإنسان وقوّته التي صدر عنها الرمي ليست ذاتية، وإنّما هي من اللّه سبحانه وتعالى، فلم يكن الرمي بقوّة الإنسان الذاتية، وإنّما كان بالقوّة والقدرة التي منحها اللّه تعالى إليه، فاللّه تعالى هو الذي منحه الحركة والقدرة على الرمي،