به نبيَّه(صلى الله عليه وآله)، والنبي يخبر الإمام(عليه السلام)، وكلّ إمام يخبر الإمام من بعده، وحتّى صاحب الزمان(عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي يبقى مطّلعاً على كلّ هذه الأُمور، إلّا أنّه يقال له: إنّ القسم الفلاني قد يدخل فيه البداء، فيتبدّل ويتغيّر.
وهذا التقسيم بالنسبة إلى القضاء، والتفكيك بين المحتوم وغير المحتوم لعلّه يشير _ والعلم عند اللّه _ إلى الأُمور التي تتأثّر بإرادة الإنسان وبعمله. فلمّا كان الإنسان عنصراً حياديّاً تجاه الخير والشرّ، ليس مجبوراً على أحدهما، فإنّ الأُمور المقضية أو المقدّرة قد تقدّر بغضّ النظر عمّا سيفعله هذا الإنسان، وفي ضوء موقف الإنسان سيتبدّل القضاء.
وهناك الكثير من الروايات التي تشير إلى تأثير إرادة الإنسان وموقفه في القضاء، فقد ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «إنّ رجلاً أتى النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال له: يا رسول اللّه، أوصني. فقال له: فهل أنت مستوصٍ إن أنا أوصيتك؟ حتی قال له ذلك ثلاثاً، وفي كلّها يقول الرجل: نعم يا رسول اللّه. فقال له رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): فإنّي أُوصيك، إذا أنت هممت بأمر فتدبّر عاقبته، فإن يك رشداً فامضه، وإن يك غيّاً فانته عنه»(1).
(1) وسائل الشيعة، ج11، ص285، الباب33 من أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ح1.