فَأُدْخِلُوا نَاراً...﴾(1)، وهي: إمّا أن تُحْمَل على نارٍ برزخية، وليست النار المادّية الأُخروية، أو تُحْمَل على أنّها ناظرة إلى عالم الآخرة، وإنّما صِيْغَت بصياغة مناسبة لما تحقّق ووقع بنكتة: أنّ المستقبل المحقّق الوقوع يكون بمنزلة الواقع.
الطائفة الرابعة: هي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبَّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّٰهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾(2).
فهذه الآية المباركة تؤيّد التصوّر الذي طرحناه عن عالم البرزخ؛ إذ إنّها تقول: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبَّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾، فما معنى: أنّ الشهداء ليسوا أمواتاً، في حين أنّنا نعتقد بأنّ الكلّ أحياء، وأنّ الروح لا تموت؛ لأنّ الإنسان خُلِقَ للبقاء لا للفناء، أمّا الأجساد فإنّها تموت سواءٌ كانت لشهيد أم لغير
(1) نوح: 25.
(2) آل عمران، 169 _ 171.