الطائفة الثالثة: هي قوله تعالى: ﴿... وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾(1).
فقوله تعالى: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا﴾ لا يلائم يوم القيامة، وإنّما يلائم عالم البرزخ، فكأنَّ آل فرعون _ كما يبدو _ لا يدخلون النار في عالم البرزخ كما يدخلونها في يوم القيامة، وإنّما يُعْرَضُون عليها غدوّاً وعشيّاً، وكأنَّ اللّه تعالى يفتح _ كلّ غداة وعشيّ _ باباً من نار جهنّم على مقابرهم ومآويهم، فتدخل عليهم آثارها، فيَحُسّون بأنّ هذا هو المحلّ الذي هُيّئ لهم، وهو الذي سيدخلونه في يوم القيامة، وعندئذٍ تصدق الرواية التي تقول: «القبر روضة من رياض الجنّة، أو حفرة من حُفَر النار»(2).
كما تشير الآية المباركة إلى فكرة أنّ العذاب في عالم البرزخ هو عذاب مثالي.
وفي القرآن الكريم آيةٌ بشأن قوم نوح الذين أُغرقوا ظاهرةٌ في أنّهم في عالم البرزخ يُعذَّبون بالنار، وهي قوله تعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا
(1) المؤمن: 45 _ 46.
(2) بحار الأنوار، ج6، ص218، باب أحوال البرزخ والقبر...، ح13.