المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

103

برهوت فلا نرى أثراً لعذاب أو دليلاً على نار؟! بل نرى أنّ الموتى أصبحوا جماداً، فكيف نفترض أنّهم يعون، وأنّهم يثابون ويعاقبون؟!

وللجواب عن هذه الشبهة نقول: إنّ اللّه تعالى قد سلّط النوم على العباد؛ إتماماً للحجّة ورأفة بالعباد، وكأنّما هذا نموذج مصغّر من الموت، والفرحُ الذي يطرأ على النائم أو النعيم الذي يراه النائم أحياناً هو نموذج مصغّر من ثواب عالم البرزخ، وكذلك العذاب الذي يحسّ به النائم أحياناً هو نموذج مصغّر من عذاب عالم البرزخ، ويكفي هذا النموذجُ المُصغّرُ لإبطال الشبهة وكسر الاستبعاد الذي استدلّ المادّيون به.

فنحن نرى النائم بأعيننا المادّية، ونرى أنّه لا حَرَاك فيه، وأنّه لا يحسّ ولا يعي ولا يرى ولا يسمع، ولو تكلّمنا معه، لما أجاب، في حين أنّه في عالم نومه كأنّما يتحرّك في البلاد، ويسبح في الفضاء طاوياً المسافات البعيدة، وهو يرى ويسمع ويتنعّم ويتألّم، وكثير منّا يتذكّر ما رآه، وما عاشه في عالم النوم بعد ما يستيقظ من نومه ويَجْلِس.

إذاً هذا شيء ممكن ومعقول، وهو محسوس، ولا يمكن إنكاره، وإن صحّ هذا الشيءُ في نموذج صغير، فإنّه يصحّ إذاً في نموذجه الكبير الواسع الذي أُخْبِرنا به في الآيات المباركات وفي الروايات.

كما أنّه ورد في الروايات أنّ الأرواح بعد الموت تحلّ في قوالب