وهذا التفسير مقطوع العدم، وغير مراد لصاحب الوسيلة.
التفسير الثالث: أن يكون المراد من الخراج مطلق المنافع، إلّا أنّ المراد من الضمان خصوص الضمان الاختياري المترتّب على العقود الصحيحة، فيكون المعنى: أنّ من يضمن شيئاً بعقد صحيح يملك منافعه بالتبع. وهذا في ذاته مطلب صحيح، لكنّه أجنبي عن المقام؛ لأنّ كلامنا في العقد الفاسد، والمفروض أنّ الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد لا يكون ممضى شرعاً.
أقول: إنّ هذا التفسير هو عين ما نقلناه عن مكاسب الشيخ الأنصاري.
التفسير الرابع: أن يكون المراد بالخراج مطلق المنافع ويكون المراد بالضمان مطلق الضمان الاختياري ولو كان فاسداً ولم يمضه الشارع. وهذا المعنى هو الذي يصحّ دليلاً لصاحب الوسيلة في المقام، إلّا أنّه _ مضافاً إلى احتياجه إلى القرينة من بين
→
الصحّة والعيب يوم تردّه عليه. قلت: فمن يعرف ذلك؟ قال: أنت وهو إمّا أن يحلف هو على القيمة فتلزمك، فإن ردّ اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أنّ قيمة البغل حين أكرى كذا وكذا فيلزمك. قلت: إنّي كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحلّلني. فقال: إنّما رضي بها وحلّلك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم، ولكن أرجع إليه فأخبره بما أفتيتك به، فإن جعلك في حلّ بعد معرفته فلا شيء عليك بعد ذلك. قال أبو ولّاد: فلمّا انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبو عبدالله(عليه السلام) وقلت له: قل ما شئت حتّى أُعطيكه. فقال: قد حبّبت إليّ جعفر بن محمد ووقع في قلبي له التفضيل، وأنت في حلّ وإن أحببت أن أردّ عليك الذي أخذت منك فعلت». انتهت الرواية المباركة.
وقد أورد صاحب الوسائل أكثر هذه الرواية في المجلّد19، ص119، الباب17 من كتاب الإجارة، ح1.وعلّق على جملة: «فأخبرت أبا عبدالله(عليه السلام) بما أفتى به أبو حنيفة» بقوله: «لا يخفى أنّ أبا حنيفة استدلّ هنا بأصالة البراءة والاستصحاب ونحوهما».
أقول: الظاهر عندي أنّ أبا حنيفة كان مدركه لما أفتى به قاعدة «الخراج بالضمان» بالتفسير الذي هو يرتئيه من أنّ الضمان حتّى بالغصب يجعل الخراج للضامن.