المولفات

المؤلفات > البيع

81

الضمان فيه، فصحّ أنّ ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده؛ لأنّ موارد العقود المجّانية خارجة تخصّصاً من موارد تلك السيرة العقلائية الموجبة للضمان(1).

أقول: إنّ هذا الوجه لا يشمل ما إذا كان عدم الضمان في الصحيح خالقاً لهذه المجّانية:

ومثال ذلك: الجُعل الذي يجعله الجاعل للسابق في المسابقة، فإنّ هذا الجُعل لا يضمنه أحد في المسابقة الصحيحة، ولكن قد يتّفق أنّه بعد السبق يندم الجاعل على جُعله فلا يدفعه إلى السابق مجّاناً، بل يدفعه إليه باعتقاد وجوب ذلك شرعاً أو يكون رضاه مقيّداً من الأساس بفرض صحّة المسابقة، فلو بطلت وعلم السابق ببطلانها مثلاً فلا إشكال في أنّ قاعدة اليد العقلائية تقتضي ضمان السابق للجُعل ووجوب إرجاعه أو إرجاع المثل أو القيمة إلى الجاعل.

ومثال آخر: لو لم يعلم المؤجر والمستأجر أو المعير والمستعير بأنّ العين المؤجرة أو المستعارة غير مضمونة ولكن الشريعة حكمت بكون يد المستأجر والمستعير أمانية وغير موجبة للضمان، ثم انكشف بطلان الإجارة أو العارية فلا ينبغي الإشكال في أنّ قاعدة اليد العقلائية تبقى مقتضية للضمان.

وهنا لا بأس بالتنبيه بلحاظ أصل قاعدة ما يضمن على أنّ معرفة حدودها الحقيقية تنهي بعض الأبحاث الواردة في الكتب عن النقوض. ونمثّل لذلك بمثالين:

1_ فمثلاً قد يقال: إنّ السبق في المسابقة الفاسدة ليس مضموناً على أحد في حين أنّه مضمون في المسابقة الصحيحة على من جعل جُعلاً للسابق، فهو ممّا يضمن بصحيحه ولكنّه لا يضمن بفاسده فيفترض أنّ هذا نقض على القاعدة.

في حين أنّه لا معنى لنقض من هذا القبيل؛ فإنّ المعنى المعقول للقاعدة كان عبارة أنّ مقتضي الضمان حينما يكون موجوداً ولم يكن المالك قد أهدر احترام ماله كان ماله


(1) المصدر السابق، ص241 _ 242 وص247 _ 248.