المولفات

المؤلفات > البيع

78

وقد يشكّك في صحّة عكس القاعدة؛ وذلك بأن يقال: إنّ قاعدة «ما يضمن» كان معناها أنّ المالك الذي أقبض ماله على أساس ضمان المسمّى لم يُهدر حرمة ماله، وأنّ من لم يهدر حرمة ماله فماله مضمون له بقاعدة اليد أو بأيّ دليل آخر، أمّا الذي أقبض ماله لا على أساس ضمان فهل هذا يعني إهدار حرمة ماله بقول مطلق أو يعني إهدار حرمة ماله إهداراً مقيّداً بما كان يتخيّله من صحّة المعاملة، وفرض تخيّله لتحقّق القيد خارجاً لا يعني الإطلاق، فبعد ما يطّلع على عدم تحقّق القيد أي على عدم صحّة المعاملة قد يقال: إنّ له أن يداعي بضمان ماله.

والخلاصة: أنّ مجرّد تخيّله لضمان المسمّى كان كافياً لعدم الإهدار، ولكن مجرّد تخيّله لعدم الضمان الشرعي ليس كافياً لإطلاق الإهدار.

وعليه فلكي نرى هل هناك دليل على عكس القاعدة أيضاً أو لا، نضطرّ إلى استئناف بحث جديد؛ لأنّ أصل القاعدة بالشكل الذي انتهينا إليه لا يستلزم عكسها.

وهنا نحن نبحث وجوهاً لإثبات عكس القاعدة كالتالي:

الوجه الأوّل: ما رواه الشيخ الأنصاري في المكاسب(1) عن الشيخ الطوسي في المبسوط، وهو أنّ ما لا يضمن بصحيحه فلا يضمن بفاسده بطريق أولى.

ووضّح الشيخ الأنصاري هذا الوجه بما يلي: أنّ الصحيح من العقد إذا لم يقتض الضمان مع إمضاء الشارع له، فالفاسد الذي هو بمنزلة العدم لا يؤثّر في الضمان؛ لأنّ أثر الضمان إمّا من الإقدام على الضمان والمفروض عدمه وإلّا لضمن بصحيحه، وإمّا من حكم الشارع بالضمان بواسطة هذه المعاملة الفاسدة والمفروض أنّها لا تؤثّر شيئاً.

ووجه الأولوية: أنّ الصحيح إذا كان مفيداً للضمان أمكن أن يقال: إنّ الضمان من مقتضيات الصحيح فلا يجري في الفاسد؛ لكونه لغواً غير مؤثّر، والإقدام كان على ضمان المسمّى والشارع لم يمضه فيرتفع أصل الضمان، والمفروض أنّ أصل الصحيح


(1) کتاب المکاسب، ج3، ص196 _ 197.