المولفات

المؤلفات > البيع

74

ذلك: أنّه لم يهدر المالك حرمة ماله؛ لأنّه إنّما أقبضه بعنوان المعاوضة بالمسمّى، وعلمه ببطلان ذلك لا ينافي ذلك(1). فإذا لم يكن المالك مُهدراً لحرمة ماله فالارتكاز العقلائي قائم على قاعدة اليد، فنحن نقول بالضمان لا برواية على اليد الساقطة سنداً، بل بالارتكاز العقلائي.

نعم، لو فرضنا أنّ المالك كان عالماً بفساد العقد والقابض كان جاهلاً بفساده وقبضه بتغرير من المالك ثم تلف في يده أو أتلفه بأكل أو غيره فهذا يدخل في قاعدة رجوع المغرور إلى من غرّه فلو كان المثل أكثر من المسمّى لم يضمن الزيادة، كما أنّه لو كان المسمّى أكثر من المثل لم يضمن أيضاً الزيادة في المسمّى؛ لأنّ ضمان المسمّى كان بالعقد وقد ظهر فساده، فهذا الجاهل المغرور من قِبل المالك ليس عليه دائماً إلّا أقلّ القيمتين من المثل والمسمّى، وهذا بحث خارج عن أصل قاعدة ما يضمن، والمهمّ أنّ أصل الضمان ثابت في المقام بحكم ارتكازية قاعدة اليد بعد أن كان المالك لم يُهدر احترام ماله.

ثم إنّ الشيخ الأعظم بعد أن أوضح ثبوت الضمان في قبض المبيع بالبيع الفاسد ذكر أنّ هذا من جزئيّات القاعدة المعروفة: «كلّ عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده»(2).

أقول: وبسرد البحث إلى هنا اتّضح خير دليل على هذه القاعدة وهو: أنّ العقد إن كان يضمن بصحيحه إذاً فالعاقد لم يهدر _ بتسليمه للمال _ حرمة ماله، فلو تبيّن بطلان العقد يكون القابض ضامناً على طبق القاعدة العقلائية التي تحكم _ في غير موارد هدر المالك حرمة ماله _ بأنّ اليد موجبة لضمانه، بخلاف ما إذا لم يكن الصحيح فيه عوض مالي كما في الهبة غير المعوّضة فإنّه عندئذ يكون المالك هو الذي أهدر حرمة ماله فلم يبق ما يوجب ضمان اليد عقلائيّاً.


(1) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله) ، ج66، ص240.

(2) کتاب المكاسب، ج3، ص182.