المولفات

المؤلفات > البيع

533

إلّا أنّك ترى أنّ هذه الروايات العامية لا قيمة لها، فهذا الطريق باطل.

والطريق الثاني: أن يقال: إنّ أسانيد هذه الروايات الوارد عدد منها في الكافي للكليني(1) منجبرة بعمل الأصحاب؛ لأنّ الشيخ الأنصاري رحمه الله نقل في المكاسب: «لا خلاف في مرجوحية تلقّي الركبان بالشروط الآتية، واختلفوا في حرمته وكراهته... وعن الشيخ وابن زهرة: لا يجوز، وأوّل في المختلف عبارة الشيخ بالكراهة وهي [أي الكراهة] مذهب الأكثر، بل عن إيضاح النافع: أنّ الشيخ ادّعى الإجماع على عدم التحريم، وعن نهاية الأحكام: تلقّي الركبان مكروه عند أكثر علمائنا، وليس حراماً إجماعاً»(2). فإذا كان المشهور قد أفتوا بالكراهة فقد انجبر سند الأحاديث بعمل الأصحاب.

ويرد عليه _ لو آمنّا في علم الأُصول بجابرية عمل الأصحاب لسند الحديث _ : أنّ عمل الأصحاب بهذه الأحاديث غير واضح؛ إذ من المحتمل أن يكونوا تمسّكوا بقاعدة «من بلغ»، وأن يكونوا قد عطفوا بلوغ النهي والتنزيه ببلوغ الثواب، في حين أنّنا لا نؤمن أساساً بتلك القاعدة، وإنّما نؤمن بأنّ قاعدة «من بلغ» تنظر إلى نفس ثواب العمل بالرجاء.

والطريق الثالث: ما أفاده الشيخ الإصفهاني رحمه الله(3): من أنّه قد وقع في بعض طرق الرواية المنتهية إلى منهال القصّاب ابن أبي عمير وفي بعضها الحسن بن محبوب، وهما ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه، وبهذا تنجبر مجهولية منهال القصّاب.

ويرد عليه: أنّنا لا نفهم من إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عن جماعة إلّا نفس كون هؤلاء الجماعة في منتهى درجات الوثاقة، لا حجّية خبر من أخبروا عنه أو غضّ النظر عن مجهولية من وقع بينهم وبين الإمام.


(1) الکافي، ج5، ص168، باب التلقي من کتاب المعيشة.

(2) کتاب المكاسب، ج4، ص349 _ 350.

(3) حاشية کتاب المكاسب(للإصفهاني)، ج3، ص411.