المولفات

المؤلفات > البيع

51

فقالت: إنّي زنيت فطهّرني، فأمر بها أن ترجم فأُخبر بذلك أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقال: كيف زنيت؟ قالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد فاستسقيت أعرابيّاً فأبى أن يسقيني إلّا أن أُمكّنه من نفسي فلمّا أجهدني العطش وخفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): تزويج وربّ الكعبة»(1). ووجه الاستدلال بالرواية وضوح أنّه لم يكن شيء في المقام إلّا المعاطاة، ومع ذلك حكم الإمام بأنّه نكاح.

ولكن الرواية ساقطة سنداً ودلالةً:

أمّا سنداً فلأنّ الراوي المباشر هو عبدالرحمن بن كثير وقد قال عنه النجاشي: «كان ضعيفاً غمز أصحابنا عليه وقالوا: كان يضع الحديث»(2)، والراوي عن عبدالرحمن ابن كثير هو علي بن حسّان بن كثير ابن أخي عبدالرحمن بن كثير وقد قال عنه النجاشي: «ضعيف جدّاً ذكره بعض أصحابنا في الغلاة، فاسد الاعتقاد، له كتاب تفسير الباطن تخليط كلّه»(3).

وأمّا دلالة فلوضوح مورده في الزنا الصريح؛ فإنّ الفرق بين الزنا والنكاح ليس هو وجود العوض وعدمه حتّى يفترض أنّ كون سقي الماء عوضاً في القصّة أخرجها عن الزنا، فما أكثر الزنا الذي يكون بعوض، وإنّما الفرق بينهما هو إبراز إنشاء العقد ولو بالمعاطاة _ لو صحّت شرعاً _، ومن الواضح أنّ الأعرابي لم يكن يقصد الزواج، وإنّما كان يقصد اغتصابها قهراً.

ومن المحتمل أن تكون هذه الرواية تحريفاً من قبل الوضّاعين لقصّة مشابهة، وهي التي وردت في مرسلة عمرو بن سعيد عن بعض أصحابنا قال: «أتت امرأة إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين إنّي فجرت، فأقم فيّ حدّ الله، فأمر برجمها وكان علي عليه السلام


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص50، الباب21 من أبواب المتعة، ح8.

(2) رجال النجاشي، ص234، رقم601.

(3) المصدر السابق، ص251، رقم660.