المولفات

المؤلفات > البيع

481

وفسّر الشيخ الإصفهاني رحمه الله عبارة الشيخ الأنصاري التي نقلناها بأنّ التعبّد بالصحّة فرع إحراز الجامع الموصوف بالصحّة تارة وبالفساد أُخرى، ولا يجري فيما إذا كان الشكّ في أصل وجود المعروض؛ لتقوّمه عقلاً بما إذا كان هناك ثمن ومثمن تتعلّق بهما المبادلة عرفاً، ولو لم تكن العين موجودة لتلِفها فلا بيع في المقام حتّى تجرى فيه أصالة الصحّة(1).

وضمناً أشکل على الشيخ رحمه الله بعدم دقّته في تعبيره: «إذا فرضنا أنّه عقد على شيء معدوم في الواقع فلا تأثير له عقلاً في تمليك العين» وأنّه كان المفروض به أن يقول: إنّ أصل عقد البيع ليس محرزاً، فإنّ المسألة ليست مسألة أنّ العقد محرز ولا يؤثّر عقلاً، وإنّما المسألة مسألة الشكّ في أصل عقد البيع؛ لأنّه متقوّم بوجود المبيع(2).

وأورد الشيخ الإصفهاني على الشيخ بأنّ الوجود الإنشائي للعقد ثابت يقيناً، ويكون هو الجامع بين الصحيح والفاسد، فبالإمكان إجراء أصالة الصحّة بشأنه(3).

ولعلّ الشيخ الأنصاري رحمه الله كان ناظراً إلى إمكان أن يردّه أحد بهذا الجواب، فأورد عليه بقوله: «ومجرّد إنشائه باللفظ لغو عرفاً يقبح مع العلم دون الجهل بالحال، فإذا شككنا في وجود العين حال العقد فلا يلزم من الحكم بعدمه فعلٌ فاسدٌ من المسلم؛ لأنّ التمليك الحقيقي غير متحقّق والصوري وإن تحقّق لكنّه ليس بفاسد؛ إذ اللغو فاسد عرفاً _ أي قبيح _ إذا صدر عن علم بالحال، وبالجملة الفاسد شرعاً الذي ينزّه


وكأنّ مقصوده بقوله: «ولا على قصد تمليك بدله مِثلاً أو قيمته» أيضاً دفع نقض قد يورَد عليه، وهو أنّه ماذا تقول في فسخ العقد بعد تلف العين من قبل من له حقّ الفسخ، أفليس هذا الفسخ تمليكاً للمعدوم؟! فيجيب عليه بأنّ هذا الفسخ تمليك للبدل من المثل أو القيمة.

(1) حاشية کتاب المکاسب (للإصفهاني(رحمه الله))، ج3، ص365.

(2) المصدر السابق.

(3) المصدر السابق، ص266.