المولفات

المؤلفات > البيع

46

وأمّا المقام الثاني: وهو أنّه هل يوجد في باب النكاح ما يمكن إحلاله محلّ ﴿أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ﴾ أو لا. فالظاهر أنّه يوجد الكثير ممّا قد يتراءى أنّ نسبته إلى النكاح كنسبة ﴿أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ﴾ إلى البيع سواء في الكتاب أو السنّة.

أمّا الكتاب فمن قبيل قوله تعالى:

1_ ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلّاتُقْسِطُوْا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوْا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النَّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ...﴾(1).

ومعنى الآية _ والله العالم _ إن خفتم في نكاح اليتامى أن لا تقسطوا فيهنّ على حسب العادة التي رُويت في تفسير الآية من أنّهنّ كنّ يعاملن تحت أيدي من ربّاهنّ معاملة نازلة في خصوص حقوق الزوجية فاتركوهنّ لأزواج آخرين وانكحوا أنتم ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع....

2_ ﴿َأَنْكِحُوْا الأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِيْنَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللّٰهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ﴾(2).

وينبغي إلفات النظر إلى أنّ الإطلاق الحكمي الذي تم في ﴿أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ﴾ بالنسبة لكلّ ما يكون بيعاً عقلائيّاً لا يتمّ في هاتين الآيتين ولا في كلّ أمر يرد في الشريعة بالنكاح بالنسبة لكلّ نكاح؛ لأنّ الأمر بالنكاح في لغة كلّ متشرّع يحمل _ لولا القرينة على الخلاف _ على ما هو نكاح في تشريعه، فلو شككنا في نكاح مّا أنّه هل هو نكاح في تشريعه أو لا كان التمسّك بالعام أو الإطلاق في ذلك تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقية، وهذا بخلاف ﴿أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ﴾ فإنّ هذا ليس أمراً بالبيع، وإنّما هو تحليل للبيع ولا معنى لتفسيره بتحليل البيع الشرعي؛ لأنّه يصبح عندئذٍ قضية بشرط المحمول، فليس معناه إلّا تحليل البيع العقلائي، فيتمّ فيه الإطلاق الحكمي لكلّ بيع عقلائي.


(1) النساء: 3.

(2) النور: 32.