المولفات

المؤلفات > البيع

458

وأفاد رحمه الله بأنّه ليس في المقام فرق بينهما _ يعني بين البيعين _ إلّا من حيث الزمان، والتقدّم والتأخّر في الزمان لا يوجب تعيين المشتري الأوّل كما هو ظاهر، فحال ذلك حال ما لو باع صاعين دفعة واحدة ثم تلفت الصبرة إلا بمقدار صاع(1).

ثم أفاد رحمه الله: أنّه يقع الكلام بعد ذلك في أنّ البائع هل يجب عليه أن يدفع الصاع الباقي للمشتري الأوّل حتّى يكون ذلك موجباً للتلف في البيع الثاني وانفساخ المعاملة، أو أنّه يتخيّر بين دفعه إلى الأوّل أو الثاني، أو أنّه لا هذا ولا ذاك بل لابدّ من تنصيفه وإعطائه نصفه لأحدهما ونصفه الآخر للآخر ؟(2)

ولم يهتمّ رحمه الله _ بقدر ما هو موجود في التنقيح _ ببيان وجه الاحتمال الأوّل، ووجهه هو تقدّم حقّ المشتري الأوّل.

وجواب هذا الوجه واضح؛ إذ لو كان لتقدّم المشتري الأوّل أثر لكان هو ما ذكره الشيخ رحمه الله من أنّه مَلَك الصاع الباقي، وقد تقدّم بطلان ذلك. فالأمر دائر بين الاحتمالين الأخيرين:

أحدهما: التخيير، ووجّهه رحمه الله بأنّه ربّما يقال: إنّ البائع قبل تلف الصبرة كان مخيّراً في أن يدفع الفرد الباقي إلى المشتري الأوّل وأن لا يدفعه إليه، وهذا التخيير لم يحدث ما يزيله.

وأجاب(قدس سره) على ذلك بأنّ هذا التخيير إنّما هو قبل التلف من جهة وجود صيعان وكان الاختيار في التعيين بيده وكان متمكّناً من أن يدفع هذا الفرد الباقي إليه أو أن يدفع إليه فرداً آخر، وبعد عروض التلف يرتفع هذا التمكّن؛ إذ لم يبق في البين إلّا صاع واحد، فلا موضوع للتخيير، ونسبة البيعين إليه على حدّ سواء، فلا موجب لترجيح أحدهما على الآخر، فيدور الأمر حينئذ بين الحكم بالانفساخ في كلا البيعين


(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص406.

(2) المصدر السابق.