المولفات

المؤلفات > البيع

412

أجنبية عن المقام، فإنّ الخداع لا يعني عدم القدرة على التسليم، فقد يكون البيع مشتملاً على الخداع ولكنّ القدرة على التسليم محفوظة، وقد يكون البيع غير مشتمل على الخداع ولكنّ القدرة على التسليم غير محفوظة، كما لو اشترى أحد عبداً آبقاً لكي يعتقه رغم عدم القدرة على التسليم والتسلّم، أو اشترى دابّة ضالّة بسعر رخيص لمجرّد احتمال أن يجدها بعد ذلك رغم أنّه ليست هناك في الوقت الحاضر قدرة على التسليم والتسلّم.

وإن أخذنا بالمعنى الثاني، أي: نهى النبي(صل الله عليه وآله) عن بيع الغفلة، أصبحت العبارة نابية وممجوجة، فالمفروض مثلاً أن يقول: نهى النبي(صل الله عليه وآله) عن البيع على الغافل، على أنّ العبارة لا تدلّ على المقصود، وهو شرط القدرة على التسليم لا بمعنى مجرّد الحرمة التكليفية ولا بمعنى بطلان البيع؛ لأنّ النسبة بين الغفلة وبين عدم القدرة على التسليم أيضاً عموم من وجه، وإنّما يصبح حاصل المعنى: نهى النبي(صل الله عليه وآله) عن استثمار غفلة الغافل في البيع عليه، وهذا أيضاً عبارة أُخرى عن الخداع.

وذكر الفيّومي في المصباح المنير معنى ثالثاً للغرر، فقال: والغرر الخطر، ونهى رسول الله(صل الله عليه وآله) عن بيع الغرر(1).

وقد حمله الشيخ النائيني رحمه الله(2) على التفسير بالغايات، فإنّ الخطر هو نتيجة الغفلة والإغفال.

أقول: لو فرضنا هذا معنى مستقلّاً فمن الواضح أنّ كثيراً من البيوع يشتمل على الخطر، فلا يعلم مثلاً من يشتري الدواء إنّ هذا الدواء سينفعه أو لا ينفعه ففيه خطر خسارة ثمن الدواء، أو لا يعلم أنّ الطعام الفلاني الذي يشتريه هل سينفعه أو لا ينفعه بل يضرّه ففيه خطر خسارة الثمن... وما إلى ذلك. ولا أحد يلتزم ببطلان هكذا


(1) المصباح المنیر، ص445.

(2) منية الطالب، ج2، ص342.