المولفات

المؤلفات > البيع

391

والمثال الثالث لهذا القسم: بيعها على من تنعتق عليه؛ لأنّ فيه تعجيل حقّها. قال الشيخ الأنصاري رحمه الله: «وهو حسن لو عُلم أنّ العلّة حصول العتق، فلعلّ الحكمة انعتاقٌ خاصّ [يعني الانعتاق عن طريق إرث ولدها]. اللهمّ إلّا أن يستند إلى ما ذكرنا أخيراً في ظهور أدلّة المنع، أو يقال: إنّ هذا عتق في الحقيقة»(1).

أقول: إنّ الوجه الأوّل وهو الرجوع إلى ما ذكر أخيراً في الفرع السابق _ من احتمال القصور في أصل أدلّة المنع بدعوى أنّ دليل المنع مفاده ترجيح حقّ الاستيلاد على حقّ مالكها في البيع لا على حقّها الآخر _ لا يرجع إلى محصّل؛ لأنّه لو فرضنا أنّ الحكمة في انعتاق خاصّ فليس لها هنا حقّ آخر يوجب البيع حتّى يقال: إنّ البيع لم يكن لحقّ مالكها بل كان لحقّها، وإنّما هو بيع لحقّ مالكها، غاية الأمر أنّ الرغبة في البيع قد يكون إنّما انقدحت في نفس المولى حبّاً للتعجيل في انعتاقها.

وأمّا الوجه الثاني _ وهو أنّ هذا عتق لها في الحقيقة _ فيمكن توجيهه بأن يقال: إنّ هذا البيع ليس نقلاً لها إلى من تنعتق عليه حتّى يقال بحرمة نقل أُمّ الولد؛ لأنّ الأمة لا تنتقل إلى ولدها مثلاً ولو آناً ما، وإنّما بيعها على ولدها مثلاً يعني مجرّد افتراض الملكية التقديرية له إيّاها لا الملكية الحقيقية، فهذا البيع يوجب رأساً انعتاقها.

وعبّر الشيخ النائيني رحمه الله في منية الطالب بتعبير آخر، وهو: «أنّ أدلّة المنع عن جواز التصرّفات الناقلة من المولى لا تشمل ذلك؛ فإنّ ظاهرها المنع عن إخراجها عن ملكه الموجب لتفويت أثر الاستيلاد. وبعبارة أُخرى: تنصرف الأدلّة إلى الملك المستقرّ، لا الملك آناً مّا والنقل الموجب لانعتاقها فوراً على من اشتراها»(2).

فعلى تعبير الشيخ النائيني حتّى لو آمنّا بالملكية آناً ما لا الملكية التقديرية والافتراضية لا مانع من بيعها على من تنعتق عليه.


(1) المصدر السابق، ص145.

(2) منية الطالب، ج2، ص318 _ 319.