المولفات

المؤلفات > البيع

36

المورد لا يخصّص الوارد، فالذي يهمّنا هو التمسّك بإطلاق جملة «إنّما يحلّ الكلام ويحرّم الكلام» فإطلاق هذه الجملة يقتضي أنّ الذي يحلّل البيع ويصحّحه إنّما هو الكلام والعقد اللفظي.

قلت: هذا يردّه ما أفاده السيّد الخوئي رحمه الله من «أنّ حصر المحلّل والمحرّم في الكلام يستلزم التخصيص بالأكثر؛ لكثرة المحلّل والمحرّم _ في الشريعة المقدّسة _ من غير الألفاظ، ضرورة أنّ تنجّس المأكولات والمشروبات محرّم وتطهيرها محلّل، والتذكية محلّلة وعدمها محرّم، وغليان العصير العنبي محرّم وذهاب الثلثين محلّل، وصيرورة العصير خمراً محرّم وتخليله محلّل، والجلل محرّم لما يؤكل لحمه واستبراؤه محلّل، وخلط المال الحرام بالحلال محرّم، وتخميسه محلّل، ووطئ الحيوان الذي يؤكل لحمه محرّم، والدخول بالمرأة محرّم لتزويج بنتها، والإيقاب في الغلام محرّم لتزويج أُمّه وبنته وأخته. وأيضاً قد جوّز الشارع المقدّس التصرّف في أموال الناس في موارد شتّى من دون أن يكون فيها محلّل كلامي، وذلك كالتصرّف في الأراضي الواسعة والأنهار الكبار وكأكل المارّة من ثمرة الشجرة الممرور بها، بل ورد في القرآن جواز الأكل من بيوت الأصدقاء والأحبّاء وإن لم يدلّ عليه إذن لفظي(1).

وأيضاً قد اتّفق المسلمون من الشيعة والسنّة على انثلام ذلك الحصر في باب العقود أيضاً؛ فإنّهم قد التزموا بجواز التصرّف في المأخوذ بالمعاطاة سواء أكانت المعاطاة مفيدة للملك أم كانت مفيدة للإباحة. ولم ينسب إلى أحد فساد ذلك إلّا إلى العلّامة في بعض كتبه، وقد ثبت رجوعه عن هذا الرأي في بعض كتبه الأُخرى.

ودعوى انصراف الخبر عن الأُمور المذكورة _ لكيلا تلزم كثرة التخصيص _ دعوى جزافية»(2).


(1) النور: 60.

(2) مصباح الفقاهة، ج2، ص148 _ 149؛ وراجع أيضاً المحاضرات، ج2، ص71 _ 72.