وأمّا بناء على بطلان الوقف فلأنّنا لو قلنا ببطلان الوقف ولم نقصد بذلك عدم إمضاء الشارع لهذا المقدار من الوقف، أي: جهة المنع عن بيعه في حالة وجود المسوّغ، بل قصدنا رجوع الوقف إلى ملك الواقف أو صيرورته ملكاً طلقاً للموقوف عليهم قلنا: إنّه حتّى هنا لا يصحّ التمسّك بحكم المخصّص أو استصحابه، بل لابدّ من التمسّك بعموم أدلّة الإمضاء؛ لأنّ ما أنشأه الواقف هو حبس العين وسكونها إلى الأبد، ومقتضى عموم دليل الإمضاء كونه ممضى كذلك، وقد خرجنا عنه في حالة وجود المسوّغ، وأمّا بعده أو قبله فنتمسّك بدليل الإمضاء. نعم، العموم هذه المرّة مجموعي متكفّل لحكم واحد مستمرّ، ولكن لا فرق في الحكم بحجّية العموم _ في غير المقطع الذي ثبت خروجه منه _ بين كونه استقلاليّاً أو مجموعيّاً.
فما ذكروه وادّعوا عليه عدم الخلاف من بقاء الشيء على وقفيّته إذا لم يبع بعد عروض المجوّز حتّى زال هو مقتضى القاعدة(1)، انتهى كلام السيّد الخوئي رحمه الله مع حذف مقطع منه كان ينبغي حذفه(2).
أقول: لو فرضنا بطلان الوقف مدّة حالة وجود المسوّغ بمعنى رجوعه إلى وقف الواقف أو صيرورته ملكاً طلقاً للموقوف عليهم فكون المرجع بعد ارتفاع المسوّغ وقبل البيع إلى عموم العامّ أو استصحاب حكم المخصّص هو مصداق للنزاع المعروف في علم الأُصول، فكأنّ الشيخ الإيرواني رحمه الله بنى في تلك المسألة على الرجوع إلى استصحاب حكم المخصّص، بينما بنى السيّد الخوئي(قدس سره) على الرجوع إلى عموم العامّ.
التنبيه الثاني: نريد في هذا التنبيه التوسّع في البحث العلمي عن الاستثناء الأوّل من استثناءات من عدم جواز بيع الوقف، وهو ما لو خربت العين الموقوفة بحيث لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها كالحيوان المذبوح والجذع البالي والحصير المخرّق.
(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص260 _ 261.
(2) وهو مقطع من ص261 ولعلّه من خطأ المقرّر وإن شئته فراجع الكتاب.