المولفات

المؤلفات > البيع

236

والثاني: صحيحة أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر(عليه السلام): «أنّ رسول الله(صل الله عليه وآله) قال لرجل: أنت ومالك لأبيك. قال أبو جعفر(عليه السلام): ما أُحبّ أن يأخذ من مال ابنه إلّا ما احتاج إليه ممّا لابدّ منه، إنّ الله لا يحبّ الفساد»(1). وذيل الرواية إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَاللّٰهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ﴾(2).

والوجه في الاستدلال بهذه الرواية _ رغم خروجها عمّا نحن فيه وورودها في مسألة أكل الأب من مال ولده _ هو تعليله عليه السلام للحكم بالآية الشريفة: ﴿وَاللّٰهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ﴾، فهذا التعليل يشمل فرض إعمال الأب للولاية على مال الطفل.

ولعلّ خير ما يمكن جعله دليلاً على شرط المصلحة هو التمسّك بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوْا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾(3)؛ فإنّ التي هي أحسن عبارة عمّا فيه المصلحة، وليس مجرّد عدم المفسدة، وهذا يشمل بإطلاقه يتيم الأب الذي يكون جدّه حيّاً، فلا يجوز للجدّ أن يقرب مال اليتيم إلّا بما فيه المصلحة، ويتعدّى من ذلك إلى الأب؛ لما مضى من أنّ ولاية الجدّ أقوى من ولاية الأب عند المزاحمة.

وقد أجاب عن ذلك السيّد الخوئي رحمه الله على ما في التنقيح بأنّ النهي عن القرب لو تعلّق بفعل من الأفعال كشرب الخمر أو الزنا ونحو ذلك كان ذلك نهياً عن الفعل، أمّا حينما يتعلّق بالمال من قبيل: ﴿لَا تَقْرَبُوْا مَالَ الْيَتِيمْ﴾ فهذا نهيٌ عن الأكل، ولا علاقة له بإعمال الولاية بمثل البيع والشراء للصغير؛ فإنّ هذا لا يعدّ أكلاً لماله، فالآية أجنبية عن المقام، وإنّما الآية تنظر إلى ما يفعله غير الملتزمين من استغلال ضعف اليتيم بأكل ماله، وتكون خطاباً لعامّة الناس، بمعنى النهي عن أكل أموال اليتامى إلّا بالمجوّزات الشرعية، وهي الطريقة الوسطى في الإسلام، أي لا تأكلوها إلّا بطريقة شرعية، كما


(1) المصدر السابق، ج17، ص263، الباب78 من أبواب ما يكتسب به، ح2.

(2) البقرة: 205.

(3) الأنعام: 152.