والثالثة: ما يكون قابلاً للانتقال كحقّ التحجير ونحوه ويقابل بالمال في الصلح، إلّا أنّ في جواز وقوعه عوضاً للبيع إشكالاً؛ وذلك لأخذ شرط المالية في عوضي المبايعة لغةً وعرفاً، كما هو الظاهر من كلمات الفقهاء أيضاً.
وقال الشيخ رحمه الله: لا ينقض ما ذكرناه من شرط تمليك المبيع ببيع الدين على من هو عليه؛ لأنّه لا مانع من كونه تمليكاً فيسقط(1).
أقول: إن كان المقصود النقض على مسألة كون البيع تمليكاً ببيع الدين على من هو عليه، أمكن الجواب بأنّه لا مانع من كونه تمليكاً فيسقط.
ولكن لأحد أن يورد النقض بذلك من زاوية عدم عينية الدين وقد فرض شرط العينية في المبيع، وحينئذ لا فرق بين أن يكون بيع الدين على من هو عليه وبين بيعه على غير من هو عليه، فالنقض بهما على حدّ سواء.
وينبغي أن يكون الجواب على النقض بأنّ الفقه الإسلامي يؤمن بوعاء الذمّة، ولا يؤمن بوعاء العهدة فحسب، فكأنّ الفقه الإسلامي يفترض وجود العين بوجودها الرمزيّ في وعاء الذمّة، وهذا كاف في تصحيح بيعه.
وبهذا ينحلّ إشكال بيع الكلّي في الذمّة رغم أنّ وجود هذا الكلّي في الذمّة إنّما يتحقّق بنفس البيع، فكأنّه يكفي في الشريعة في صحّة البيع هذا الوجود الرمزي للكلّي في الذمّة التقديري، أي: على تقدير تحقّق البيع.
وأمّا إشكال جعل الثمن عمل الحرّ، فجوابه واضح؛ لأنّه لا إشكال في أنّ عمل الحرّ له مالية، نعم إيجاد هذا المال إنّما يجب على المشتري بعد أن يشتري المبيع بعمله، ففرق كبير بين مسألة جعل عمل الحرّ ثمناً في المبيع ومسألة ضمان عمل الحرّ بالحبس؛ إذ يكفي في صحّة الأوّل كون العمل ذا مالية بلا إشكال، ولذا لو أجبر أحد أحداً على عمل ضمن له قيمة العمل ضمان الإتلاف، ولكن لا يکفي في ضمان
(1) كتاب المكاسب، ج3، ص7 _ 9.