المولفات

المؤلفات > البيع

160

أقول: وبالإمكان التدرّج في الكلام من الإذن السابق إلى الإجازة اللاحقة والاستشهاد على استناد البيع حقيقة إلى المالك في فرض الإذن السابق بما هو ثابت في وجداننا العرفي في محاوراتنا من أنّ من باع بيته مثلاً عن طريق وكيله يقول: لقد بعت بيتي من دون أيّ إحساس في ذلك بالمجاز والمسامحة، فإن صحّ ذلك في الإذن السابق قلنا في الإجازة اللاحقة: إنّ تخيّل الفرق بين الإذن السابق والإجازة اللاحقة ينشأ في الحقيقة من فقدان الإجازة حين العقد، فإذا التفتنا إلى أنّ الاعتبار الصادر من العاقد لا زال باقياً في عالم الاعتبار ولا أثر لانقضاء صيغة الإيجاب والقبول في ذلك تبيّن لنا أنّ الإجازة اللاحقة تكون كالإذن السابق، فإن كان استناد العقد إلى المالك ثابتاً حقيقةً في مورد الإذن السابق فهو ثابت حقيقةً أيضاً في مورد الإجازة اللاحقة من حين الإجازة.

إلّا أنّ الواقع أنّ هذا التدرّج لا ينفع الأمر شيئاً؛ لأنّ الوجدان العرفي ثابت في بعض الأفعال التكوينية أيضاً، فلو أنّ البنّاء مثلاً عمّر بيتنا المهدوم أو صنع بيتاً لنا في أرض قاحلة بإذننا وبتوكيلنا فنحن نجد في وجداننا العرفي وفي حواراتنا الاعتيادية أنّ صاحب البيت يقول: لقد عمّرت بيتي أو يقول: لقد بنيتُ بيتاً لي ولا يوجد أيّ إحساس بمسامحة في ذلك، وهذا الوجدان وعدم الإحساس بالمسامحة ناتج من إشراب كلمة «عمّرتُ» أو «بنيتُ» معنىً أوسع يشمل التعمير أو البناء عن طريق الوكيل رغم أنّ هذا بالدقّة نوع من المجاز، فلعلّ الوجدان في باب البيع أيضاً من هذا القبيل.

فلا يبقى إلّا أصل البيان الصادر من السيّد الخوئي رحمه الله بحسب ما نقلناه عن التنقيح من الفرق بين باب التصرّفات الاعتبارية والتصرّفات التكوينية فالتصرّف التكويني كالأكل والشرب من قِبل المأذون لا يسند حقيقة إلى المالك، ولكن التصرّف الاعتباري أو القانوني يسند حقيقة إلى المالك بإذنه من دون فرق بين الإذن السابق والإذن اللاحق.