المولفات

المؤلفات > البيع

16

«والأصل في البيع مبادلة مال بمال؛ لقولهم: بيع رابح وبيع خاسر، وذلك حقيقة في وصف الأعيان، لكنّه أُطلق على العقد مجازاً؛ لأنّه سبب التمليك والتملّك»(1).

فلولا أنّ تعريفه مجرّد تعريف لفظي فيا ترى هل نجعل فرضه لكون الرابح والخاسر حقيقة في وصف الأعيان قرينة على أنّ المقصود بالمال في صدر كلامه كان هو العين، أو نجعل كلمة المال في صدر كلامه قرينة على أنّ مقصوده بالعين في ذيل الكلام هو مطلق المال، أو نجعل هذا الاختلاف بين الصدر والذيل موجباً لإجمالهما؟!

ثم إنّنا لو أصررنا على تخصيص البيع بتمليك العين مع تنزيل الروايات الماضية على معنى تمليك العين، أمكن أن يقصد بتمليك العين معنىً أوسع من التمليك المصطلح فعلاً لدينا الذي هو عبارة عن أعلى درجات التسليط الاعتباري الذي يشرّع شرعاً أو عقلائيّاً أو عرفاً أو ادّعاءً من قبل السارق مثلاً، فيشمل التسليط الاعتباري بدرجاته المختلفة، فتحمل كلّ هذه الروايات على إرادة نقل مطلق السلطة الاعتبارية التي تسمّى أقصاها بالملكية، وهي نوع سلطة اعتبارية على العين.

وقد يخطر ببال أحد أن يحذف أصلاً كلمة التمليك، ويُعرّف البيع بأنّه إنشاء تبديل عين بعوض من جهة الإضافة، من دون تخصيص تلك الإضافة بإضافة الملكية، بل بكلّ درجات السلطة الاعتبارية والتي تسمّى أعلاها بالملكية.

وهذا ما فعله الشيخ النائيني رحمه الله، واستشهد على ذلك بجواز بيع ما لا ملكية فيه، كما في بيع سهم سبيل الله من الزكاة لصرف ثمنه في سبيل الله، أو بيع نماء العين الموقوفة في سبيل الله وصرف ثمنه في قربات الله، أو ما لو افترضنا أنّه أوصى أحد بصرف ماله في سبيل الله، ونصّ على عدم صيرورته ملكاً لأحد، فبيع المال المذكور لكي يصرف ثمنه في قربات الله(2).


(1) المصباح المنير، ص69.

(2) راجع مصباح الفقاهة، ج2، ص23 _ 24.