المولفات

المؤلفات > البيع

105

أداء مثله، ولعلّه لم يتعرّض في النصوص لضمان المثل إيكالاً إلى الارتكاز العقلائي، وأنّ هذا ممّا يفهمه كلّ أحد، فلو تلف المبيع بالعقد الفاسد وكان مثليّاً لزم أداء مثله(1).

أقول: إنّ هذا الكلام في الجملة صحيح، لكنّه لا يمكن الالتزام به على إطلاقه؛ فإنّ الارتكاز العقلائي كما يحكم بضمان خصوصيّات المثل كذلك يحكم بضمان المالية، فلا يمكن أن يقول الغاصب للثلج في حرّ الصيف وأراد إرجاع مثله في قلب الشتاء حينما لم تبق أيّة قيمة للثّلج: إنّني أخرج من الضمان بدفع المثل.

وهو رحمه الله التفت إلى ذلك واعترف بأنّ في فرض سقوط المثل عن القيمة نهائيّاً _ كما في الثلج المغصوب في الصيف إذا سقط عن القيمة نهائيّاً في الشتاء _ لا يمكن الخروج عن الضمان بأداء ما سقط عن القيمة بشكل كامل، موضَّحاً ذلك _ بحسب ما ورد في التنقيح _ بأنّ سقوط المثل عن القيمة يجعله ملحقاً بما إذا تعذّر المثل؛ لأنّ المفهوم من دليل الضمان من السيرة وغيرها هو وجوب ردّ المال، فلابدّ أن تكون للمضمون مالية، والمفروض في المقام عدم بقاء مالية للمثل(2).

ولكن الخطأ العظيم الذي وقع رحمه الله فيه أنّه التزم بكفاية دفع أدنى القيم من حين بدء المثل بالسقوط إلى ما قبل لحظة السقوط الكامل، ففي مثال الثلج يكفي هذا الغاصب أن يدفع أقلّ قيمة وصل الثلج إليه قبل أن يبرد الجوّ إلى حدّ يسقط نهائياً عن القيمة؛ لأنّ العين تثبت في الذمّة إلى يوم الدفع، فلو طالبه في يوم السقوط بالقيمة وجب دفع قيمة ذاك اليوم لا قيمة يوم التلف ولا أعلى القيم ولا غيرهما من الوجوه المذكورة في المسألة(3).

أقول: إنّ نفس الارتكاز العقلائي الذي يحكم بضمان المثل يحكم أيضاً _ في حين


(1) المصدر السابق.

(2) راجع المصدر السابق، ص266 و270.

(3) راجع المصدر السابق، ص270.