المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

97

استطاع، فإنّ التقيّة واسعة، وليس شيء من التقيّة إلا وصاحبها مأجور عليها إن شاء اللّه»(1). وعيب هذا الحديث إضماره، فلو قلنا بإضرار الإضمار فالظاهر أنّه لا تبقى لنا إلا الروايات المانعة عن الصلاة خلف الفاسق، وإن لم نقل بإضرار الإضمار _ باعتبار انصرافه في عرف هؤلاء الرواة إلى الإمام المعصوم كما هو الظاهر، ولو لأجل أنّهم عادةً كانوا يروون عن الإمام المعصوم _ ثبت بذلك شرط العدالة في إمام الجماعة. ويحتمل كون هذه الرواية مأخوذة من قبل من رواها عن سماعة، وهو عثمان بن عيسى من كتاب سماعة حيث إنّ له كتاباً يرويه عنه عثمان بن عيسى، وإنّ الضمير راجع إلى الإمام الذي روى عنه الروايات السابقة في ذلك الكتاب.

أمّا وجه التعدّي عن إمام الجماعة إلى المقام فهو إمّا عبارة عن القطع بلزوم التعدّي من إمامة الجماعة التي هي شبه قيادة، إلى القضاء الذي هو قيادة(2) حقيقةً، فلا يحتمل أن تكون العدالة شرطاً هناك، ولا تكون شرطاً هنا، أو عبارة عن


(1) نفس المصدر، ج5، ص458، الباب 56 من صلاة الجماعة، ح2.

(2) قد يقال: من المحتمل أنّ إمامة الجماعة اشترطت فيها العدالة لأنّها قيادة روحيّة. أمّا القضاء فليس عدا فصلاً للخصومة بتشخيص الحقّ، وتكفي في ذلك الوثاقة في الحكم، فالقطع بالملازمة غير موجود. كما قد يناقش في الملازمة العرفية بأنّ الملازمة يجب أن تكون بيّنة بالمعنى الأخصّ حتى توجب ظهوراً عرفيّاً، بينما المتكلّم الذي يذكر شرط العدالة في إمام الجماعة قد يكون غافلاً أصلاً عن موضوع القضاء، فكيف تتمّ لكلامه دلالة التزامية عرفية على اشتراطها في القضاء؟

ويمكن الجواب عن الأول بأنّ هذا قد يتم في قاضي التحكيم. أمّا منصب القضاء الذي يتحقّق بنصب ولي الأمر فهو شعبة من أرقى شعب القيادة قد لا يحتمل كونها أقلّ مقاماً وقدسيّة من إمامة الجماعة.

ويمكن الجواب على الثاني بأنّ المقصود هو دلالة قوله: «تشترط العدالة في إمامة الجماعة» بالملازمة العرفية على نكتة لهذا الاشتراط_ وطبعاً لا يمكن افتراض غفلة المتكلّم عن نكتة شرطه _ وتلك النكتة موجودة بشكل أقوى في القضاء، وهي نكتة كون إمامة الجماعة منصباً رفيعاً وقيادةً، ونحو ذلك.