المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

94

الطباطبائي (رحمه الله).

أو يقال كما مضى أيضاً: إنّه يعطي معنى الاتّكاء على قوّة وسيطرة وسكون النفس إليها والارتباط بها، ممّا لا يصدق بمجرّد الترافع عند شخص ما.

هذا وقد يقال: لعلّ المقصود بالآية الشريفة هو الركون إلى الظالم بما هو ظالم وبحيثية ظلمه، فلو ثبت أنّ تصدّي الفاسق للقضاء ظلم، فقد تدل الآية على حرمة الركون إليه بالتحاكم عنده، إلا أنّ هذا أوّل الكلام.

الوجه الثاني _ ما مضى من رواية أبي خديجة: «إيّاكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تداری في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق...»(1)؛ بناءً على أنّ ذكر الوصف مشعر بالعليّة. وهذا الوجه لو تم فإنّما يدل على حرمة التحاكم عند الفاسق دون اشتراط العدالة بناءً علی وجود الواسطة بينهما. وقد استدلّ بهذا الوجه المحقّق العراقي (رحمه الله)(2)، ولو تمّت دلالة هذه الرواية، فقد مرّ منّا النقاش في سند هذه الرواية.

إلا أن يقال: إنّه لا حاجة بنا إلى خصوص هذا المتن لحديث أبي خديجة الضعيف سنداً، بل يمكن التمسّك بالمتن الآخر التامّ سنداً الذي ورد فيه: «إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور...»(3) بدعوى أنّ أهل الجور أيضاً يعطي معنى الفاسق.

الوجه الثالث _ هو التمسّك بما مضى في آخر مبحث اشتراط العلم من عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر؛ فإنّه يدل على وصف العدالة، أو ما هو فوق العدالة، إلا أنّه إنّ تمّ سنداً فقد مضى النقاش فيه دلالةً، من حيث احتمال كون ذلك حكماً


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص100، الباب 11 من صفات القاضي، ح6.

(2) كتاب القضاء، ص7.

(3) وسائل الشيعة، ج 18، ص4، الباب الأول من صفات القاضي، ح5.