المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

93

أصل اشتراط العدالة

أمّا الدليل على اشتراط العدالة في القضاء فقد يستدلّ على ذلك بعدّة وجوه:

الوجه الأول _ هو التمسّك بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّـذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾(1) بدعوى أنّ الفاسق ظالم، فالتحاكم إليه ركون إلى الظالم. وهذا الوجه لو تم فإنّما يثبت حرمة التحاكم إلى الفاسق، وبالملازمة العرفيّة أو القطع بعدم الانفكاك يثبت عدم نفوذ قضائه، ولا يثبت شرط العدالة بناءً على وجود واسطة(2) بين العادل والفاسق.

هذا واختصاص الحرمة بغير موارد الحرج مثلاً _ كما لو انحصر إنقاذ الحقّ بالترافع إلى الحاكم، وكان في عدم إنقاذه حرج _ لا يوجب اختصاص الدلالة على عدم نفوذ القضاء بذلك، فإنّ الملازمة ثابتة بين حرمة ذلك في الجملة وعدم النفوذ مطلقاً.

وعلى أيّ حال فقد يقال: إنّ هذا الوجه _ وهو وجه تمسّك به السيد الخوئي في مباني تكملة المنهاج(3) _ لو تم للزم حرمة أيّ استعانة بالفاسق، فمثلاً استيجار حمّال لحمل الثقل، وبنّاء للبناء وهو فاسق غير جائز. ولا أظنّ السيد الخوئي أو أيّ واحد آخر يلتزم بذلك فقهياً.

وقد يقال: إنّ مطلق الاستعانة والاستخدام مثلاً لا يعدّ ركوناً، وإنّما الركون عبارة عن الاعتماد على فرد أو جهة بفرض سيطرة وهيمنة له أو لها، كما هو المفروض في باب القضاء حيث نتكلّم في نفوذه.

وقد يقال: إنّ الركون يعطي معنى الميل وسكون النفس على ما مضى من العلّامة


(1) هود: 113.

(2) وهو من يكون جديد العهد بالبلوغ أو بالتوبة ولم يحصل بعد على ملكة العدالة.

(3) ج 1، ص 11.