المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

89

وقد(1) يناقش في ذلك بأنّ الآية وردت بلسان القضية الخارجية لا الحقيقية؛ حيث تشير إلى طائفة من الناس بقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾. ومن الواضح أنّ أولئك الناس الذين تشير إليهم الآية المباركة كانوا قادرين على التحاكم عند رسول اللّه (صلى الله عليه و آله)، فلا إطلاق في الآية لمن لا يقدر على التحاكم عند قاضي العدل. وصحيح أنّ ذكر الوصف المذكور في الآية وهو إرادة التحاكم عند الطاغوت مشعر بالعلّية، لكنّه _ بعد أن كانت القضيةخارجية _ لا يدل على أنّه هو تمام العلّة وعدم دخل أيّ وصف آخر _ كوصف القدرة على التحاكم عند قاضي العدل _ في العلّة، على أنّ ما قبل الآية _ من الأمر بردّ النزاع إلى اللّه والرسول _ وكذلك ما بعد الآية _ الوراد في تنكيل من قيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرسول فصدّوا عن ذلك _ قد يكون صالحاً للقرينية على عدم الإطلاق والنظر إلى خصوص فرض إمكانيّة الردّ إلى اللّه والرسول.

هذا، وقد يقال: إنّ هناك آية أُخرى لا يبعد تمامية الإطلاق فيها، هي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا


(1) وقد يقال مضافاً إلى ما في المتن: إنّ المستفاد ممّا في الآية من التعليل بالأمر بالكفر بالطاغوت هو أنّ تحريم التحاكم إليه يكون بنكتة كون ذلك دعماً وتأييداً له، وهذه النكتة تكون أحياناً مفقودة؛ كما إذا كنّا نعيش في مجتمع تسوده سلطة الطاغوت بنحو لا يُرى أيّ أثر للتحاكم إليه من قبل هذين المترافعين وعدمه. وهذا البيان يأتي أيضاً في مقبولة عمر بن حنظلة، بل وقد يأتي في رواية أبي خديجة بناءً على استظهار نفس النكتة منها بمناسبات الحكم والموضوع. إلا أنّ النسبة بين ما يستفاد من هذا البيان وبين جواز الترافع عند الطاغوت حين العجز عن الترافع عند قاضي الحقّ عموم من وجه.