المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

87

والثانية: قوله: «هو أن يعلم الرجل أنّه ظالم، فيحكم له القاضي فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي قد حكم له إذا كان قد علم أنّه ظالم»، وهذا لا علاقة له بقوله: ﴿وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾، وإنّما هو راجع إلى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾، فهذا يعني أنّ الأكل بالباطل يكون من قبيل أنّ القاضي يحكم لصالح أحد المتخاصمين، وهو يعلم أنّه على باطل، وأنّ خصمه على حقّ، فيعمل بحكم القاضي، فهذا غير جائز، وهذا واضح لا شكّ فيه، ولم يؤخذ في موضوعه فرض كون القاضي جائراً، إلا إذا استُظهِر أنّ المراد بالقاضي هو المراد من كلمة الحكّام في الآية الشريفة.

4_ روايات جواز تغيير الشهادة أمام حاكم الجور بالشكل الذي يُقنعه بالقضاء الحقّ(1)، فلولا جواز المرافعة إلى حاكم الجور في الجملة لما كان موضوع لمسألة الشهادة أمامه بشيء من التغيير.

والجواب _ بغضّ النظر عن ضعف سندها وابتلائها بالمعارض(2) الذي ينهى عن التدليس حتى أمام محكمة الجور، وإن كان المعارض أيضاً ضعيفاً _: أنّ هذه الروايات قد فرض فيها أصل المرافعة أمام قاضي الجور مفروغاً عنه، فلعلّها كانت في مورد العسر والحرج، أو في مورد كان الرفع إلى القاضي من قبل الطرف الآخر الذي هو غير ملتزم بحكم الشريعة بحرمة الرفع إلى قاضي الجور، فأصبح الطرف المقابل أمام أمر واقع، ووصلت النوبة إلى الشهادة وإلى التغيير في الشهادة لأجل إحقاق الحقّ.

الوجه الثاني _ هو النقاش في أصل فرضيّة إطلاق يدل على النهي عن الترافع


(1) وسائل الشيعة، ج 18،ص230 _ 231، الباب 4 من الشهادات.

(2) نفس المصدر، ص247، الباب 18 من الشهادات، ح1.