المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

84

3_ ما عن علي بن فضّال بسند تام قال: «قرأت في كتاب أبي الأسد إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام) وقرأته بخطه سأله ما تفسير قوله تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ وَتُدْلُوا بِهٰا إِلَى الْحُكّٰامِ﴾؟(1) فكتب بخطّه: الحكّام القضاة، ثم كتب تحته هو أن يعلم الرجل أنّه ظالم فيحكم له القاضي فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي قد حكم له إذا كان قد علم أنّه ظالم»(2)؛ فيدلّ بالمفهوم على أنّه إذا لم يكن قد علم أنّه ظالم فهو معذور في أخذه لحقّه عن هذا الطريق، وهذا الكلام يدل عرفاً على جواز الترافع عنده.

إلا أنّه قد يقال: لم يعلم كون المقصود من ذلك هو قاضي الجور.

وقد يجاب على ذلك بأنّنا نثبت كون المقصود من ذلك قاضي الجور بقرينة رواية أُخرى حملت الحكّام في الآية الشريفة على قضاة الجور، وهي ما عن أبي بصير «قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام): قول اللّه (عزوجل) في كتابه: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾. فقال: يا أبا بصير إنّ اللّه (عزوجل) قد علم أنّ في الأُمّة حكّاماً يجورون. أما إنّه لم يَعنِ حكّام أهل العدل، ولكنّه عنى حكّام أهل الجور. يا أبا محمد إنّه لو كان لك على رجل حقّ فدعوته إلى حكّام أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكّام أهل الجور ليقضوا له لكان ممّن حاكم إلى الطاغوت، وهو قول اللّه (عزوجل): ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾(3) (4).


(1) البقرة: 188. وتتمة الآية: ﴿لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوٰالِ الْنّٰاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

(2) وسائل الشيعة، ج 18، ص5، الباب الأول من صفات القاضي، ح 9.

(3) النساء: 60.

(4) وسائل الشيعة، ج 18، ص3، الباب الأول من صفات القاضي، ح3.