المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

808

على من أنكر واليمين على المدّعي فحكم على هذا الأساس، ولا إشكال في عدم نفوذ هذا القضاء، ولا مورد لما مضى من دعوى الارتكاز، ولا تُطبَّق المقبولة على المقام كما هو واضح.

القسم الثالث _ الاختلاف في الاجتهاد، كما لو كان من رأي القاضي أنّ نكول المنكر بلا إرجاعه لليمين على المدّعي يوجب الحكم ضدّ المنكر، بينما القاضي الثاني كان يرى أنّ هذا لا يوجب الحكم ضدّ المنكر، بل القاضي هو الذي يُرجع اليمين عندئذٍ على المدّعي، أو المنكر كان يرى اجتهاداً أو تقليداً ذلك، وهنا لا مجال للتمسّك بالمقبولة؛ لأنّ كون ما حكم به القاضي الأول من حكمهم (عليهم السلام) أول الكلام، ولا بالارتكاز بتقريبه السابق من ارتكاز أنّ مشروعية القضاء إنّما هي لفصل الخصومة، ولكن لا يبعد القول بأنّ الارتكاز العقلائي يقتضي في المقام النفوذ وعدم جواز النقض ما دام القاضي الأول كان واجداً لشرائط منصب القضاء في الشريعة، واجتهاده كان يعتبر اجتهاداً مقبولاً ومشروعاً في الإطار العامّ للشريعة، ولم يكن من قبيل الفرض الماضي في القسم الثاني من اعتقاد القاضي أنّ اليمين على المدّعي والبيّنة على من أنكر، ولم يردع عن هذا الارتكاز. فالنتيجة هي نفوذ القضاء في المقام، وعدم صحّة الاستئناف، وعدم جواز نقض حكم الحاكم فيه، والاستئناف ينحصر مورده بالقسم الأول والثاني.

وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.

قد وقع الفراغ من كتابة هذا البحث في يوم الاثنين المصادف للخامس والعشرين من شهر شعبان المعظّم من السنة 1406 الهجريّة القمريّة في قم المقدّسة.

أسأل اللّه تعالى أن يجعله خالصاً مخلصاً لوجهه الكريم، ويجعله ذخراً ليوم فاقتي، ويثيبني عليه بفضله وكرمه، إنّه سميع مجيب.