وقد يناقش في شمول إطلاق المتن الثاني لما نحن فيه، بناءً على افتراض أنّ قوله (عليه السلام): «شيء من الأخذ والعطاء» إشارة إلى القضايا الماليّة، فلا يشمل مثل المقام ما دمنا نحتمل الفرق، إلا أنّ المتن التامّ سنداً إنّما هو المتن الأول وليس هذا المتن، وهذا التعبير غير وارد فيه، فإطلاقه يشمل المقام.
وأمّا دعوى الانصراف فنكتتها هي قياس ما نحن فيه بسائر الولايات من قبيل ولاية الأب، أو الفقيه، أو المالك، فإنّ كلّ هذه الولايات تنصرف إلى غير دائرة المحرّمات، فإنّها ولايات مجعولة من قبل الشريعة الإسلامية، والولاية المجعولة من قبل شريعةٍ مّا تنصرف لا محالة إلى الولاية في نفس دائرة الشريعة لا الولاية حتى تغيير الشريعة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وولاية القاضي لا تشذّ عن هذه الولايات.
إلا أنّ الظاهر أنّ نكتة الانصراف الموجودة في سائر الموارد غير موجودة في المقام، فإنّ المفهوم عرفاً ومتشرّعيّاً هو ما قلنا من أنّ جعل الولاية في دائرة الشريعة إنّما يكون ضمن تلك الدائرة لا عليها، ولكن في خصوص باب القضاء المفروض فيما نحن فيه أنّه وقع الخلاف بين المتخاصمين في أصل الحكم في الشريعة، فأحدهما يعتقد أنّ الحكم كذا، والآخر يعتقد نقيض ذلك، والمناسب للشريعة جعل حاكم يفصل الخصومة في مثل هذه الحال، فالانصراف المدّعى في سائر موارد الولايات لا يأتي هنا.
فإذا تمّ التعارض بين دليل نفوذ القضاء ودليل حرمة المحكوم به فما هو العلاج؟
لا يبعد أن يقال: إنّ دليل نفوذ القضاء حاكم على دليل حرمة المحكوم به؛ لأنّه ناظر إلى جميع الأحكام المختلف فيها بين المتخاصمين، سواء كان الخلاف فيها لأجل الخلاف في الموضوع أو كان خلافاً في أصل الحكم.
نعم، لو أمكن للمحكوم عليه التجنّب عن الحرام من دون التورّط في مخالفة