المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

800

فعلى أيّ حال يقع التعارض بين دليل نفوذ حكم القاضي وحرمة مخالفته ودليل حرمة الفعل المحكوم به.

وهنا يقع الكلام تارةً في وجود إطلاق لدليل نفوذ حكم القاضي لمثل هذا المورد وعدمه بقطع النظر عن دعوى الانصراف، وأُخرى في أنّه لو تمّ إطلاق لدليل النفوذ في نفسه ولولا الانصراف، فهل يمكن دعوى انصراف الإطلاق عن المقام، أو لا؟ وثالثةً لو تمّ الإطلاق ولم يتمّ الانصراف فما هو علاج التعارض في المقام؟

أمّا الإطلاق فدليل مشروعيّة القضاء يدل _ بضمّه إلى الارتكاز أو المقبولة _ على نفوذ القضاء لا محالة، فالكلام يجب أن يقع في أصل دليل مشروعيّة القضاء لكي نرى هل يشمل ما نحن فيه، أو لا؟ وبالإمكان أن يناقش في إطلاق أكثر أدلّة القضاء في المقام: فالإجماع دليل لبّي لا إطلاق له، ولزوم الهرج من عدم مشروعيّة القضاء أو عدم نفوذه ليس له إطلاق للمقام؛ إذ إنّ استثناء فرض حرمة المحكوم به لا يوجب الهرج، والمقبولة وردت في الدَين والميراث، وهذا وإن كان يحمل على المثالية، ويفهم منه الإطلاق، إلا أنّ هذا الفهم يقتصر على المقدار الذي لا يحتمل عرفاً الفرق فيه بين الدَين والميراث، واحتمال الفرق في مورد حرمة المحكوم به وارد لا محالة.

وقد يقال: إنّ حديث داود بن أبي يزيد العطّار عن بعض رجاله عن أبي عبداللّه (عليه السلام) وارد في خصوص ما نحن فيه، أو يشمل إطلاقه ما نحن فيه؛ حيث ورد في رجل كانت له امرأة فجاء رجل بشهود أنّ هذه المرأة امرأة فلان، وجاء آخران فشهدا أنّها امرأة فلان، فاعتدل الشهود وعدّلوا، فقال: «يقرع بينهم، فمن خرج سهمه فهو المُحقّ، وهو أولى بها»(1).


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص184، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح8.