المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

799

أوّلاً _ بمقتضى القاعدة بعد البناء على كون حكم الحاكم غير مغيّر للواقع.

وثانياً _ بمقتضى ما مضى عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) من قوله: «أَيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له به قطعة من النار».

وأمّا الشخص الثالث الذي عرف خطأ الحاكم فلا يحقّ له أن يخالف الحقّ المحكوم به رغم علمه بخطئه، ولا أن يخالف الحقّ الذي يعلم به: أمّا الأول فلما مضى من الارتكاز والمقبولة الدالّين على نفوذ حكم القاضي، وأمّا الثاني فلمقتضى القاعدة بعد أن لم يكن حكمُ القاضي مغيّراً للواقع، والارتكاز والمقبولة لا يدلّان على جواز مخالفة من له الحقّ واقعاً رغم العلم به، وإنّما يدلّان على عدم جواز مخالفة حكم الحاكم، ولا تنافي بين العمل بحكم الحاكم والعمل بحقّ ذي الحقّ الحقيقي، فلو حكم الحاكم بأنّ الدار لزيد _ مثلاً _ لأنّه كان ذا اليد، وحلّفه بطلب من المدّعي فحلف، فثبت لدى الحاكم ظاهراً أنّه له، فحكم بذلك، وكان الشخص الثالث عالماً بأنّ هذه الدار لعمرو وأنّ زيداً حلف يميناً فاجرة، وأراد الشخص الثالث شراء الدار أو استيجارها، كان عليه إرضاؤهما معاً: أمّا المنكر فلأنّ له الحقّ حسب حكم الحاكم، وأمّا المدّعي فلأنّه هو ذو الحقّ واقعاً.

يبقى الكلام في فرع واحد: وهو أنّ المحكوم عليه لو علم بحرمة ما حكم به عليه، وأنّ العمل وفق حكم القاضي يوجب ارتكابه للحرام فماذا يصنع؟ ومثاله ما لو حكم القاضي بالزوجيّة وفقاً لرأي الزوج الذي أقام البيّنة على ذلك، بينما المرأة قاطعة بعدم الزوجيّة، فلو أطاعت القاضي تورّطت في الزنا، ولو خالفت كان هذا ردّاً لحكم القاضي الذي هو كالرادّ على اللّه، فما هي وظيفتها في المقام؟ سواء فرضنا الحرمة الثابتة لها حرمة واقعية، كما لو علمت وجداناً بعدم الزوجيّة، أو كانت ظاهريةً، كما لو بنت ظاهراً اجتهاداً أو تقليداً على عدم الزوجيّة لوقوع العقد باللّغة الفارسية مثلاً،