المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

798

وهنا بالنسبة للمحكوم عليه لا ينبغي الإشكال في نفوذ الحكم عليه ولو علم بالخطأ، وذلك لوجهين:

الأول _ الارتكاز القائل بأنّ القضاء إنّما شرّع لفصل الخصومة، والمحكوم عليه يدّعي غالباً العلم بأنّه على حقّ، فلو كان علمه بذلك مانعاً عن نفوذ القضاء كان هذا خلف مشروعيّته لفصل الخصومة.

والثاني _ مقبولة عمر بن حنظلة: «إذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنّما استخفّ بحكم اللّه، وعلينا ردّ، والرادّ علينا الرادّ على اللّه، وهو على حدّ الشرك باللّه»(1). وليس المقصود من قوله: «حكم بحكمنا» حقّانيّة المحكوم به كي يقال: إنّ الكلام في المصداق، وأنّه إذا أخطأ في المحكوم به إذاً لم يحكم بحكمهم، وإنّما المقصود هو الحكم بما يحكم به الإمام (عليه السلام) وهو الحكم وفق مقاييس القضاء، أما كون المقياس الذي يحكم به منتجاً لما يطابق الواقع فهو لم يكن مطلوباً من رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) فضلاً عن غيره، وقد ورد عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) أنّه قال: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان، وبعضكم ألحنُ بحجّته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له به قطعة من النار»(2).

وفي خصوص ما إذا كان الحكم وفق تحليف المدّعي للمنكر يدل أيضاً على المقصود ما مضى في محلّه ممّا ورد من «أنّ اليمين تذهب بحق المدّعي»(3).

وأمّا بالنسبة للمحكوم له فمن الواضح أنّه لو علم بخطأ الحكم كان عليه ردّ الحقّ إلى أهله، وذلك:


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص99، الباب 11 من صفات القاضي، ح1.

(2) نفس المصدر، ص169، الباب 2 من كيفيّة الحكم، ح1.

(3) نفس المصدر، ج18، ص179 _ 180، الباب 9 و10 من كيفيّة الحكم.