بمقدار أنّ الغائب على حجّته، فلو خرجت القرعة باسم الغائب أُوقف النزاع إلى حين حضوره، ولو خرجت باسم الحاضر حُلِّف، فلو حلف حكم له، ولكن الغائب يكون على حجّته: إمّا بمقتضى القاعدة، وإما بالتعدّي بالأولويّة من مورد النص الوارد في فرض القضاء بالبيّنة.
أقسام الغائب
وأمّا أقسام الغائب فالكلام فيها كما يلي:
الغائب تارةً لا يمكن إحضاره بسهولة وفي وقت قريب يتسامح عرفاً في تأخير القضاء إلى ذاك الوقت، وأُخرى يمكن ذلك كما لو كان في نفس البلد مثلاً.
فالفرض الأول هو المتيقّن من مورد الحكم على الغائب.
وأمّا الفرض الثاني وهو ما لو أمكن إحضار الغائب، فتارةً يفترض أنّ القاضي يحتمل أن يكون حضوره مؤثِّراً في قلب الموازين بأن تكون معه حجّة _ من بيّنة أو غيرها _ بحيث لو حضر لتغيّر ميزان القضاء، وأُخرى نفترض أنّ القاضي قد حصل له العلم بأنّ الغائب لا يمتلك حجّةً لو حضر.
فإن فرض الأول فلا إشكال في وجوب إخباره وفتح باب الحضور عليه؛ لانصراف أدلّة القضاء وأدّلة حجّية مقاييس القضاء عن فرض إغفال الذهن عن أحد الخصمين المؤدّي إلى عدم إدلائه بحجّته لو كانت له حجّة، فإنّ المناسبات والارتكازات العرفيّة تؤدّي إلى انصراف من هذا القبيل بلا شكّ.
وإن فرض الثاني فأيضاً لا يبعد دعوى نفس الانصراف عقلائيّاً أيضاً ما دام علم القاضي معرّضاً للخطأ، فالمفروض تهيئة الفرصة أمام الغائب للحضور لكي يكون له مجال الإدلاء بحجّته على تقدير امتلاكه للحجّة وخطأ علم القاضي بعدم امتلاكه لها.