المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

790

وأمّا الحكم باليمين فاليمين تارةً تكون وظيفة الحاضر، وأُخرى تكون وظيفة الغائب:

مثال الأول _ ما لو ثبت دَينٌ للحاضر على الغائب إلا أنّ الغائب يعتقد أنّه قد أدّاه سابقاً، والحاضر ينكر ذلك، وهنا قد يقال: لا يمكن تحليف الحاضر قبل إحضار الغائب؛ لأنّ تحليف المنكر من حقّ المدّعي، وقد ظهر من أبحاثنا السابقة جوابه، حيث وضّحنا أنّ التحليف إنّما يكون من حقّ المدّعي حينما يكون الحقّ المتنازع عليه في سلطة المنكر، ويكون ترك النزاع من صالح المنكر، فيكون المدّعي مخيَّراً بين أن يترك النزاع أو يحلّف المنكر، أمّا إذا كان الحقّ المتنازع عليه تحت سلطة المدّعي، وكان المنكر هو المنتفع برفع النزاع كما في مثال إنكار أداء الدين فالحلف يكون من حقّ المنكر نفسه.

وقد يقال: يجوز تحليف الحاضر والحكم وفق الحلف رغم غياب المدّعي تمسُّكاً بالإطلاق اللفظي لقوله: «اليمين على المدّعى عليه».

وهذا الكلام أيضاً غير صحيح؛ إذ لا إطلاق لفظي لهذا النص، فإنّ النص إنّما ينظر إلى تعيين من عليه اليمين، أمّا متى يصحّ تحليفه هل عند حضور المدّعي أو مطلقاً فهذا مطلب آخر ليس بصدد بيانه.

والصحيح: أنّه يجوز تحليفه في غياب المدّعي؛ وذلك لأحد وجهين:

الأول _ التمسُّك بدليل حجّية الأصل الذي يكون في صالح المنكر؛ إذ لم نجزم بتخصيصه في باب القضاء إلا بمقدار التحليف؛ أي: إنّنا جزمنا بعدم جواز الحكم وفق هذا الأصل قبل تحليفه، أمّا بعد التحليف فنتمسّك بدليل حجّية هذا الأصل المثبت لكون القضاء على طبقه قضاءً بالحقّ والعدل.

والثاني _ أن يقال: لو لم يتمّ إطلاق لفظي لدليل تحليف المنكر يشمل فرض حضور