المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

781

أنّ الوظيفة هي التحالف، فلو حلفا قُسِّم المال بينهما، ولو حلف أحدهما كان المال له، ولو كان أحدُهما ذا اليد دون الآخر وُجّه اليمين إلى ذي اليد. إذاً فلم يبق بعد إخراج هذه الفروض مورد لهذا الحديث إلا فرض نكول المتداعيين.

وبعض أحاديث الباب مردّد بين إلحاقه بما ورد في فصل النزاع، أو عدّه ممّا ورد في غير مورد فصل النزاع، كما ورد عن حمّاد، عن المختار، قال: «دخل أبوحنيفة على أبي عبداللّه (عليه السلام) فقال له أبوعبداللّه (عليه السلام): ما تقول في بيت سقط على قوم فبقي منهم صبيّان ‏أحدهما حرٌّ والآخر مملوك لصاحبه، فلم يعرف الحرّ من العبد؟ فقال أبوحنيفة: يعتق نصف هذا ونصف هذا، فقال أبو عبداللّه (عليه السلام): ليس كذلك، ولكنّه يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة فهو الحرّ، ويعتق هذا، فيجعل مولىً لهذا»(1). وسند الحديث ضعيف بالمختار؛ إذ لم تثبت وثاقته.

وعن حريز عمّن أخبره، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) باليمين في قوم انهدمت عليهم دارهم وبقي صبيّان أحدهما حرّ والآخر مملوك فَأسْهَمَ أمير المؤمنين (عليه السلام) بينهما، فخرج السهم على أحدهما، فجعل له المال، وأعتق الآخر»(2).

فإمّا أن يقال: إنّه لم يكن في مورد الحديثين نزاع؛ إذاً فالحديثان واردان في غير باب النزاع، وقد مضى أنّ الارتكاز المتشرّعي يدل على عدم مرجعيّة القرعة بشكل عام في غير باب النزاع، فلا يمكن التعدّي من المورد، أو يقال _ وهو الصحيح _: إنّ هذا الارتكاز غير وارد في مثل مورد الحديثين ممّا هو من شأنه وقوع النزاع، وإنّما لم يقع النزاع لأنّ


(1) نفس المصدر، ص188، الباب 13 من كيفيّة الحكم، ح7.

(2) نفس المصدر، ص189، ح8.