المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

773

غير دائرة المباحات، وهذا خلاف عموم الموضوع؛ أعني قوله: «كلّ مجهول».

هذا، وقد يناقش في التمسّك بهذا الحديث: بأنّنا نعلم بالارتكاز أنّ القرعة ليست قاعدة يرجع إليها عموماً في جميع موارد الشكّ، فمثلاً لو علمنا إجمالاً بنجاسة أحد إناءين فلا أحد يفتي بتعيين النجس بالقرعة، ولو كانت القرعة حجّةً في الشبهات الحكميّة على الإطلاق لما كانت هناك حاجة إلى الاستنباط بمراجعة الأمارات والأصول الشرعيّة، بل كنّا نعيِّن الحكم دائماً في تلك الموارد بالقرعة، ومن البديهي بطلان ذلك إلى غير ذلك من النقوض، وتخصيص الأكثر مستهجن فتبتلي الرواية بالإجمال.

وما قد يقال من أنّ مقياس العمل براوية القرعة هو عمل الأصحاب؛ إذ نعلم إجمالاً بوجود ضابط للقرعة لم يصل إلينا، وعمل الأصحاب في موردٍ مّا يكشف عن انطباق ذاك الضابط، غير واضح؛ إذ لا نتعقّل وجود ضابط وصل إليهم يداً بيد من زمان المعصوم ثم اختفى علينا نهائيّاً، ولو كان هناك ضابط فلعلّه كان ضابطاً اجتهاديّاً لو عرفنا مدركه لم نقتنع به.

والتحقيق في المقام: أنّ هذا الارتكاز لا يوجب إجمال الحديث على الإطلاق، وتوضيح ذلك: أنّنا نعلم بارتكاز كالمتّصل أنّ القرعة ليست قاعدة يرجع إليها عموماً في غير موارد النزاع ولا في موارد النزاع عند وجود حلّ آخر للنزاع من الحلول القضائيّة المتعارفة، فإطلاق الحديث مقيَّد بمقيِّد كالمتّصل بخصوص مورد النزاع وعدم وجود حلّ آخر كذلك للنزاع.

هذا، وبما أنّنا لا نؤمن بالإطلاق الشمولي للمحمول فنقول: أنّ قوله: «فيه القرعة» إنّما دلّ على أصل مشروعيّة القرعة في كلّ مجهول، أمّا أنّها هل شرّعت لكي يجريها نفس المتنازعين _ وهذا ما عبّرنا عنه بالحجّية الذاتيّة _ كما يجريها القاضي، أو لكي يجريها القاضي فحسب، فهذا لا يمكن فهمه من الحديث، والقدر المتيقّن هو