سهم المحقّ يكون في طول تراضيهم بالقرعة، وتفويضهم الأمر إلى اللّه. والمقصود به _ ولو احتمالاً _ فرض جواز التراضي والتفويض، أمّا متى يجوز التراضي على القرعة، فهذا أمر مسكوت عنه ومفروض التحقّق، فليس بصدد بيانه، والقدر المتيقّن هو موارد إمكانيّة التصالح على أيّ شيء يحتمل خروجه بالقرعة؛ أي: في دائرة المباحات، فبدلاً عن التصالح الابتدائي يفوّضون أمرهم إلى اللّه، ويلتزمون بنتيجة القرعة.
هذا، ولو تمّت دلالة الحديث على القرعة فإنّما تتمّ في مورد النزاع، فإنّ المفهوم عرفاً من افتراض كون الأمر أمر قوم، وأنّ فيهم المحقّ وغير المحقّ هو ذلك.
2_ مرسلة الصدوق: قال: «قال الصادق (عليه السلام): ما تنازع قوم ففوّضوا أمرهم إلى اللّه (عزوجل) إلا خرج سهم المُحقّ. وقال: أيّ قضيّة أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى اللّه؟ أليس اللّه يقول: فساهَمَ فكانَ مِنَ المُدحَضين»(1).
وقد اتّضح النقاش فيه _ بِغَضّ النظر عن إرساله _ ممّا مضى، فإنّ الحديث لم يدل على حجّية القرعة على الخصمين قضائيّاً، أو وجوب تحاكمهما إلى القرعة ولو من دون قاضٍ، وإنّما مفاده أشبه شيء بفرض التشارط والتراضي على القرعة، فيحكم على ذلك بخروج سهم المُحقّ، أمّا جواز ذلك فلعلّه مفروض الوجود، وليس بصدد بيانه، فلا يتمّ الإطلاق بلحاظه، والقدر المتيقّن منه هو دائرة المباحات. إذاً لا يدل الحديث على مشروعيّة القرعة في تعيين الزوجيّة المتنازع فيها مثلاً(2).
هذا، والحديث خاصّ بمورد النزاع، أمّا صدره فواضح، وأمّا ذيله فلأنّ كلمة (القضيّة) بمعنى القضاء ظاهرة في فرض النزاع.
(1) وسائل الشيعة، ج18، ص190، الباب 13 من كيفيّة الحكم، ح13.
(2) مقتضى ارتكازيّة حجّية القرعة في غير دائرة المباحات من موارد النزاع هو دلالة الحديث على حجّيتها في موارد النزاع. نعم، يبقى احتمال اختصاص ذلك بالحجّية القضائية.